لماذا هذا التسخين الإسرائيلي المفاجئ لجبهة القنيطرة؟
تدرك القيادة العسكرية الإسرائيلية جيدا ان القذائف التي سقطت على الجولان المحتل يوم السبت، كانت في اطار المواجهات التي دارت رحاها بكثافة بين قوات الجيش السوري وأخرى تابعة لجبهة النصرة، في محاولة من جانب الأخيرة للسيطرة على مدينة البعث في محافظة القنيطرة، وفتح الطريق باتجاه العاصمة دمشق،
أي ان هذه القذائف لم تكن متعمدة، في الوقت الراهن على الأقل، ولكن اقدام طائرات إسرائيلية على قصف موقع للجيش السوري على اطراف المدينة المذكورة، وادى الى تدمير دبابتين واستشهاد سبعة جنود من طاقمها جاء استشعارا من هذه القيادة الإسرائيلية لخطورة تعزيز وجود الجيش السوري وتقدمه في هذه المنطقة الحساسة.
اتهام مصدر عسكري سوري “الطيران الإسرائيلي بدعم التنظيمات الإرهابية، بقصفه وحدات للجيش السوري”، لم يكن من قبيل الصدفة، لان انحياز القيادة العسكرية الإسرائيلية ودخولها الى ميدان معركة السيطرة على محافظة القنيطرة المحاذية للجولان المحتل، الى جانب جبهة النصرة، يؤكد انها لا تريد استعادة السيادة السورية على هذه المناطق الجنوبية، وتحويلها الى نقطة انطلاق لعمليات مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي عبر بشكل صريح امس الاحد عندما حذر ايران اثناء اجتماع لمجلس الوزراء من ان كيانه ينظر بشكل خطير الى محاولاتها لتكريس وجود عسكري لها في سورية وتسليح حزب الله بأسلحة متطورة عبر سورية ولبنان.
لا يكشف المتحدث باسم الجيش السوري سرا عندما يشير الى التعاون الوثيق والمكثف بين وحدات تابعة للمعارضة السورية المسلحة والقيادة العسكرية الإسرائيلية في جنوب سورية، فنتنياهو زار مقاتلين من هذه الوحدات يتعالجون في المستشفيات الإسرائيلية، وذكرت تقارير صحافية إسرائيلية بشكل متواتر ان عدد هؤلاء زاد عن 3500 عنصر، والتقط بعضهم الصور التذكارية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، عرفانا بالجميل، وعربونا على أواصر الصداقة.
السيد حسن نصرالله، امين عام “حزب الله” هدد في خطابه الذي القاه بمناسبة اليوم العالمي للقدس (الجمعة) بأنه اذا اندلعت حرب إسرائيلية على سوريا او لبنان، “فان مئات الآلاف من المقاتلين من مختلف انحاء العالمين العربي والإسلامي سيتدفقون الى جبهات القتال ليكونوا شركاء في هذه المعركة، من العراق، من اليمن، من ايران، من أفغانستان ومن باكستان، وأماكن أخرى عديدة”.
ان اكثر ما يقلق الإسرائيليين، وفي ظل الانهيار العربي، وتسارع عمليات التطبيع الخليجي معها هذه الأيام، والسعودي خاصة، هو فتح جبهة الجنوب الغربي السوري، ولذلك تحاول إقامة حزام امني تابع لها في القنيطرة على غرار الحزام الأمني الذي اقامته في جنوب لبنان بعد غزو عام 1982، ونجحت المقاومة الإسلامية في اختراقه وتدميره واجبار القوات الإسرائيلية على الانسحاب منه دون شروط عام 2000 ايثارا للسلامة.
مثلما حررت المقاومة اللبنانية جنوب لبنان، وبعد صمود طويل، وتضحيات كبيرة، فانها ونتيجة لخبراتها التي اكتسبتها في هذا المضمار، باتت تشكل تهديدا قويا للاحتلال الإسرائيلي، لان جبهة جنوب لبنان قد لا تكون الوحيدة التي تشكل قاعدة للمقاومة، وان مقاتلي “حزب الله” لن يكونوا الوحيدين أيضا.