امريكا ..... صناعة الموت الطريق الامثل لصناعة المال
قد يغفل البعض عن السبب الاساس الذي جعل من الولايات المتحدة ان تحتل مركز بريطانيا التي كانت تمثل المركز الأول في الإنتاج الصناعي خلال القرن التاسع عشر .
وولربما يعزي العديد السبب لكثرة الموارد الطبيعية واعتماد التقنيات الحديثة وغيرها كثير. لكن التطور الصناعي شيئ وايجاد اسواق الاستهلاك لهذه الصناعة شيئ اخر.
لاشك ان التطور الامريكي لم يكن على ما هو عليه لولا الحربيين العظميين التي نشبت في القارة العجوز وعلى رأسها بريطانيا التي لاتغيب الشمس عن اراضيها كما يقال ، ونقصد هنا مستعمراتها التي احتلتها بقوة السلاح وقتل الشعوب .
فالرئيس الأمريكي "وودرو ويلسون" قال في تحليله للحرب العالمية الأولى صيف 1916 : "أن بريطانيا تمتلك العالم وألمانيا تريده. أما الولايات المتحدة فكانت إمكانياتها الاقتصادية العظيمة مكبوتةً قبل حرب عام 1914 بفعل نظامها السياسي غير الفعال ونظامها المالي المختل وصراعاتها العمالية والعرقية العنيفة" .
وحسب كل الوثائق المتوفرة فان مع دخول الحرب العالمية الأولى عامها الثالث انقلب التوجه الاوربي بفعل تلك الحرب نحو امريكا اذ اصبح متعذرا على الدول المتورطة في الحرب تحمل تكاليفها الباهضة ، فاما ألمانيا فقد لجأت بعد عزلها عن التجارة العالمية إلى الحصار الدفاعي مركِّزةً هجماتها على الأعداء الضعفاء مثل رومانيا. أما الحلفاء، وبخاصة بريطانيا، فقد جهزوا قواتهم بطلباتٍ حربية أكثر وأكثر من الولايات المتحدة؛ اذ بلغت مشتريات بريطانيا من موردين اجانب عام 1916 ، أكثر من رُبع محركات أسطول قواتها الجوية ، وشمل ذلك أكثر من نصف ذخيرتها من الرصاص وأكثر من ثُلثي استهلاكها من الحبوب وكل استهلاكها من البترول تقريبًا ، وكان على على رأسهم الولايات المتحدة .
ودفعت الحرب ببريطانيا وفرنسا مقابل الاستيرادات الى اصدار المزيد من السندات للأمريكيين بالدولار!! وليس بالجنيه الاسترليني أو الفرانك، وبنهاية عام 1916 كان المستثمرون الأمريكيون قد راهنوا بملياري دولارًا على فوز التحالف الدولي.وبذلك اصبح كل الدعم قادما من داخل الولايات المتحدة ، وبدلت المصانع الامريكية جل خطوطها الانتاجية المدنية الى الصناعات العسكرية .
وشمل ذلك كل المجالات ، فالمزارع الامريكي بات يزرع لاطعام جيوش الحلفاء في اوربا.
وبذلك ظهرت في الافق لمعان نجم الامبريالية الامريكية الجديدة.
ولاشك ان امريكا هل التي كانت وراء التعافي الاوربي عقب الحرب العالمية الثانية . لسبب بسيط وهو انها اكثر دولة بقيت بعيدة عن الدمار الناجم من الحرب والذي شمل القارة العجوز، بسبب بعدها الجغرافي عن مركز الصراع .
ومن هنا بدئت الهيمنة الامريكية على الاوربيين ومستعمراتهم . فبريطانيا كانت مدينة لامريكا من راسها حتى اخمص قدميها ، كما وكانت عاجزة عن سد ديونها لهم وقد شمل ذلك كل محور الحلفاء لان الالمان دمروا كل المنطقة الصناعية الواقعة شمال شرقي بلجيكا والحلفاء دمروا المانيا سيدة الصناعات الاوربية ، والانفاق الحربي اصاب بريطانيا بحالة اقرب الغيبوبة ، وكل هذا الامر صب لصالح الولايات المتحدة.
يعلم المتتبع جيدا ان كلتا الحربين وعلى الرغم من الدمارالذي لحق باوربا ، اورث الغرب بشكل عام مستعمرات كثيرة واكثرها كان من تركة الدولة العثمانية .. وان الامم المتحدة جائت عقب تفاهمات اوربية لادارة العالم بهدف معالجة اقتصادياتها المتعبة جراء الحرب من خلال ترسيخ وجودها في تلك المستعمرات .. ووبذلك تحول العالم مقسم بين قوتين ، الاتحاد السوفيتي وامريكا ... ومن هذا المنطلق انتقلت المواجهة المباشرة الى الحرب بالوكالة . وهذا هو السبب الرئيس وراء رسم السياسة العالمية الجديدة المستمرة الى يومنا هذا في عالمنا الاسلامي وبخاصة الدول العربية التي تم تاسيسها وتقسيمها بالاساس من قبل الغرب .
وعلى الرغم من حصول كل هذه المتغيرات ، الا ان الحاجة للسلاح بقي ولازال يتصدر الاولويات في العالم وخاصة امريكا . وعلى سبيل المثال وبشكل مبسط نلفت الى ان الجندي هو بحاجة الى الطعام والملبس الى جانب السلاح ، والسلاح بحاجة الى الذخيرة والذخيرة بحاجة الى صناعات الصلب ، والجيش بحاجة الى وسائل للنقل ووسائل النقل بحاجة الى الوقود والاطارات والماكنات التي تحرك تلك الوسائل وهكذا دواليك ..
وعلى اية حال لم تنتج الحقبة المعاصرة سوى نشوء نظام ليبرالي ديمقراطي في اوربا ، ولكن تحت الوصاية الامريكية .. امريكا التي تعلم علم اليقين ان لاشيئ يخدمها اكثر من ابقاء فتيلا الحروب مشتعلا ، شريطة ان تكون بعيدة عن شواطئها . فاذا كان الاوربيون هم يرزحون تحت النفوذ الامريكي ، فما بالك ببعض الحكومات العربية وعلى راسها السعودية التي لاتستطيع ان تتنفس الا باوامر امريكية ، وممنوع عليها ان لا تنفذ سوى الاجندة الامريكية المبنية اساسا على صناعة الموت لاجل صناعة المال ...
ومن هذا المنطلق يمكن تفسير ما يجري اليوم على الساحة العربية والاسلامية ، ولماذا تدفع بعض الدول العربية مئات المليارات من الدولارات الى ترامب لتشتري السلاح وتدفع به الى الارهابيين الذين لايستهدفون سوى البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية للبلدان العربية وحدها وليس سوها. بدل ان تدفع هذا المال لشقيقاتها من الدول العربية للخلاص من ديونها وتامين العيش الكريم لابنائها .
وبينما يتفاخر دونالد ترامب بتوفير 50 ألف فرصة عمل للامريكيين وليس للعرب اليمنيين او الصوماليين او المصريين ... ووو ، لازال بعض الحكام العرب يفتخرون بالمساعدة القيمة لتوفير المقابر الجماعية لالاف من ابناء الامة العربية .. فبقاء هذه الحكومات هو توفير فرص الموت للشعوب العربية والاسلامية لانها الطريق الامثل لصناعة المال الامريكي .
رائد دباب