الاشتباكات تتواصل في بنغازي والحصيلة 57 قتيلاً في ثلاثة أيام
Oct ١٨, ٢٠١٤ ٠٢:١٧ UTC
قتل 23 شخصاً على الأقل في بنغازي بشرق ليبيا الجمعة في معارك عنيفة وهجمات، إحداها بسيارة مفخخة، لترتفع بذلك حصيلة الهجوم الذي يشنه منذ الأربعاء اللواء المتقاعد خليفة حفتر على الميليشيات المسلحة في المدينة الى 57 قتيلاً على الأقل.
واوضح شهود عيان أن النقطة الأمنية استهدفتها "عملية انتحارية بسيارة مفخخة"، فيما قال مسؤول في مركز بنغازي الطبي إن "أربع جثث بينها أشلاء لانتحاري وصلت للمركز ليل الجمعة جراء استهداف الحاجز الأمني"، لافتاً إلى أن "جريحاً في حالة خطرة أدخل لغرفة العمليات وقد بترت ساقاه".
وقال احد شهود العيان طالباً عدم ذكر اسمه إن "سيارة مسرعة جاءت عبر طريق سريع وانفجرت بعد ان اقتربت من النقطة الأمنية رغم أن المسلحين في النقطة تعاملوا معها لكن دون جدوى".
وعقب الهجوم أغلق سكان منطقة بوهديمة والمناطق المجاورة لها الطريق الدائري الثالث السريع، وهو من أكبر الطرق الحيوية في المدينة وأكثرها ازدحاماً كون العملية وقعت اسفل الجسر المؤدي منه إلى منطقة بوهديمة.
ومنذ الأربعاء هذه ثالث عملية انتحارية تستهدف الجيش ونقاطاً أمنية، لكن إحداها أحبط الخميس بقتل الانتحاري قبل أن يصل إلى مبتغاه في مقر الكتيبة 21 التابعة للقوات الخاصة في الجيش بوسط بنغازي.
وفي الأثناء دارت معارك عنيفة في منطقتي المساكن وبوعطني إضافة إلى منطقة الليثي على الطريق المؤدية لمطار بنينا جنوب شرق المدينة.
وسمع دوي انفجارات أسلحة ثقيلة يتبعها أزيز للرصاص بشكل متواصل يهز أرجاء المنطقة والمناطق المجاورة.
وتأتي العملية الانتحارية هذه بحسب عدد من المسلحين انتقاماً لمقتل رجل وثلاثة من أبنائه يتهمون بمناصرة المليشيات المسلحة، بعد دخول عدة شبان من منطقة بوهديمة البيت وقتلهم جميعاً.
ومساء الجمعة لقي حمزة صالح العقوري وهو أحد أفراد مديرية أمن بنغازي السابقين حتفه على أيدي مسلحين مجهولين في منطقة الماجوري بعد ان تم استيقافه في نقطة تفتيش وهمية، بحسب المصدر الطبي.
وخلال النهار قال مصدر في مركز بنغازي الطبي إن "18 شخصاً قتلوا الجمعة خلال اشتباكات عنيفة للجيش ومؤيديه من المواطنين المسلحين مع الاسلاميين في منطقة الماجوري وسط بنغازي وأعمال قتل متفرقة".
وقتل الاربعاء والخميس ما لا يقل عن 34 شخصاً في الهجوم الجديد لقوات اللواء حفتر مدعومة بالجيش، لكن اشتباكات الجمعة كانت بين الاعنف في منطقة مزدحمة بالسكان.
وامام ضعف الحكومة الانتقالية، شن اللواء حفتر الذي شارك في الثورة على القذافي، هجوماً في ايار/مايو على الميليشيات التي يصفها بأنها "ارهابية".
واتهمت السلطات الانتقالية اللواء حفتر حينها بمحاولة "انقلاب" لكنها غيرت موقفها لا سيما بعد ان نال اللواء المتقاعد تأييد عدة وحدات من الجيش.
وليل الجمعة حذرت جماعة "أنصار الشريعة" في بيان المواطنين المسلحين المساندين للجيش بالقول "يا صحوات العمالة وذيول النذالة من عديمي الكرامة، إن الحرب قد حمي وطيسها واشتدت، فنحذركم وننذركم أننا لن نسكت عن الاعتداءات على البيوت والأعراض".
والجمعة قالت ديبورا جونز سفيرة الولايات المتحدة لدى ليبيا في سلسلة تغريدات لها عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إن "مواجهة المنظمات الإرهابية ضرورة، وأنه يجب مواجهتها من قبل جيش نظامي تحت سيطرة سلطة مركزية ديمقراطية".
لكن وفقاً للمتحدث باسم رئاسة الأركان العامة للجيش العقيد أحمد المسماري فإن الجيش النظامي يدعم العمليات العسكرية التي يقوم بها حفتر في بنغازي وغيرها من المدن.
وقال المسماري انه "عقب تعيين رئيس الاركان العامة للجيش اللواء عبدالرازق الناظوري من قبل البرلمان الليبي في ايلول الماضي باتت ما تعرف بعملية الكرامة إحدى عمليات الجيش الليبي النظامي"، كما أعلنت الحكومة المؤقتة دعمها للعمليات.
وقالت جونز في تغريدة أخرى "إننا ندين الهجوم المتواصل لأنصار الشريعة ضد الشعب الليبي"، لافتة إلى أن بلدها "يدين بشدة العنف المتواصل في ليبيا، ويدعو إلى وقف فوري لها للسماح باستمرار العملية التي تقودها الأمم المتحدة (...) وأنه لا يوجد حل عسكري".
وأشارت إلى أن واشنطن "صنفت أنصار الشريعة في بنغازي ودرنة كمنظمات إرهابية في كانون الثاني/يناير 2014"، وهو ما توافقت معه السلطات الليبية الانتقالية بعدئذ.
وكان برناردينو ليون المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا حذر الخميس من "تواجد عناصر متشددة في ليبيا".
وقال ليون في لقاء تلفزيوني إن "هناك تقارير تفيد بأن المجموعات التابعة لداعش (تنظيم الدولة الاسلامية) بدأت تتحرك في منطقة الساحل الإفريقي ومن بينها ليبيا، لذا علينا العمل على عزلها ومحاربتها، وهذا سبب آخر وجيه يدفع الأطراف المتنازعة في ليبيا إلى الاتفاق".
ومنذ ساعات الصباح الاولى لصباح الجمعة بدأت الاشتباكات في منطقة الماجوري حيث يسكن محمد الزهاوي القيادي في جماعة أنصار الشريعة وعدد كبير من مؤيديه، مع مواطنين مسلحين يؤيدون الجيش وقوات حفتر.
ووفقاً لشهود عيان، فإن أنواعاً مختلفة من الاسلحة استخدمت في الاشتباكات وحرب شوارع استمرت طوال اليوم في حين بدا السكان عالقون.
وفي مناطق أخرى، شنت مروحيات غارات جوية على مناطق الليثي والمساكن وبوعطني في جنوب شرق المدينة على الطريق المؤدية لمطار بنينا بنغازي حيث يتمركز الجيش.
وكان حفتر اعرب الجمعة عبر "تلفزيون الكرامة" الموالي له عن"رضاه بنتائج معارك بنغازي"، قائلاً إن "النصر بات قريباً، وإن اللحمة الوطنية بين الشعب والجيش التي جسدها شباب بنغازي تسرع من وتيرته".
وسمع دوي انفجارات عدة في مناطق متفرقة من المدينة واطلاق نار طيلة يوم أمس.
ويشارك مدنيون مسلحون إلى جانب قوات حفتر في هجومها الجديد لاستعادة بنغازي التي سقطت في تموز بأيدي ميليشيات مسلحة بينهم مسلحو جماعة "أنصار الشريعة".
وقد أعلنت قوات خليفة حفتر انها سيطرت الاربعاء على مقر كتيبة "17 فبراير" التابعة للمسلحين الواقع في مدخل بنغازي الغربي.
لكن مصدراً عسكرياً اكد الخميس ان الجيش "اضطر لاحقاً إلى الانسحاب من هذه القاعدة العسكرية بعد أن استهدفها المقاتلون بقذائف صاروخية".
كما اندلعت الخميس اشتباكات عنيفة بين الكتيبة 21 والمسلحين المساندين لها، والجماعات المسلحة في محيط منطقة قاريونس والقوارشة عند المدخل الغربي لبنغازي.
وقال شهود ان اشتباكات عنيفة اندلعت في محيط منطقة قاريونس والقوارشة في حين تمكن سكان من الخروج عبر ممر آمن بعد توقف الاشتباكات مساء.
وكان الهلال الأحمر الليبي طالب الخميس بتوفير ممر آمن لإخراج العالقين، وقالت مصادر محلية إن ابرز المغادرين لموقع الاشتباكات هم النازحون من بلدة تاورغاء الذي يقطنون مخيماً من الصفيح في تلك المنطقة.
وتاورغاء تقع على بعد 30 كيلومتراً شرق مدينة مصراتة غرب ليبيا تم تهجير سكانها لاتهامهم بمساندة نظام معمر القذافي خلال ثورة 17 شباط 2011.
وحتى الجمعة لم تنتشر وحدات حفتر داخل المدينة كما كان متوقعاً، حيث لم تنزل قواته من مواقع تمركزها في مرتفعات الرجمة الواقعة في الضاحية الجنوبية الشرقية للمدينة.
وأمام هذا التأخر بدأ المسلحون باستهداف المواطنين المسلحين الذين يساندون قوات حفتر سواء باعتقالهم او قتلهم، وفقاً لمسؤول أمني طلب عدم ذكر اسمه.
ومازالت الحركة في المدينة شبه منعدمة فيما تشهد الدوائر الحكومية والخاصة شللاً تاماً بسبب الاشتباكات.
وبنغازي الاكثر اضطراباً في بلد تعمه الفوضى وتسيطر عليه الميليشيات منذ الاطاحة بنظام القذافي بعد نزاع استمر ثمانية اشهر في 2011.