تقریر لـ«C.I.A»: «إسرائیل» الأکثر فشلاً فی إضعاف خصومها
Dec ١٩, ٢٠١٤ ٠٧:٠٥ UTC
کشفت وثیقة جدیدة لمنظمة «ویکیلیکس» عن تقریر سري لوکالة الاستخبارات المرکزیة الأمريکیة «C.I.A» یؤکد أن «إسرائیل» هي الأکثر فشلاً في عملیات إضعاف خصومها، لافتًا إلی أن جرائم الاغتیالات التي ارتکبها العدو الصهیوني بحق قیادات في المقاومة اللبنانیة والفلسطینیة أتت بنتائج عکسیة.
فقد نشرت صحیفة «الأخبار» اللبنانیة في عددها الصادر الیوم الجمعة وبالتعاون مع موقع «ویکیلیکس»، تقریر الاستخبارات المرکزیة الأمريکیة بعنوان «جعل عملیات الاستهداف العالیة القیمة أداةً فعالة في مکافحة التمرّد»، مشیرة إلی أن "التقریر جزء من سلسلة منشورات سریة تفصّل کیفیة التعامل مع حرکات التمرّد التي یواجهها الجیش الأمريکي، والحکومات الحلیفة لواشنطن، في مختلف أرجاء العالم".
ولفتت الصحیفة إلی أن "الدراسة التي أفرجت منظمة «ویکیلیکس» عنها الیوم تختص بمسألة «التخلّص» من «الأهداف العالیة القیمة»، أي قادة الحرکات السیاسیة والعسکریة، الذین یمکن لاغتیالهم أن یؤثّر جدیاً في مسار حرکات التمرّد المعادیة للمصالح الأمیرکیة". مشیرة إلی أن ما تسمیه الدراسة بـ«عملیات الاستهداف العالیة القیمة» هي تعبیرٌ أکادیمي ملطّف للـ«اغتیال» وللتخلّص من قادة الحرکات العسکریة والشعبیة التي تتمرّد علی الاحتلالات الأمريکیة، أو تثور علی حکم حلفائها.
وأشارت الصحیفة إلی أن الأمثلة التي استعرضها الباحثون في الدراسة، من ایرلندا الشمالیة الی العراق، "کانت جردة لعملیات قتل واغتیال لقادة میلیشات وحرکات وطنیة".
بحسب الدراسة فإن بعض العملیات کان أثرها بالغاً علی حرکات التمرد المستهدفة، کما جری لدی اعتقال رؤوس وقیادة منظمة «الطریق المضيء» في البیرو، فانکسرت حرکة التمرّد علی نحو فوري، ولکن حملات الاستهداف، علی الرغم من ضحایاها الکثر، لم تساهم في کثیر من الحالات في ضرب حرکات التمرّد، بل زادتها تصلباً ورفعت منسوب التعاطف الشعبي معها. تورد الدراسة مثال الاغتیالات الصهيونية بین عامي 2000 و2002 ضد قیادات «حماس» وباقي فصائل المقاومة الفلسطینیة، التي قوّت اللحمة بینها وعزّزت الدعم الشعبي لقادتهم.
ویقدّم التقریر مجموعة خلاصات، هي الـ«إرشادات» الرئیسیة في حروب الاغتیال والتصفیة، وأهمها أن تکون الاستهدافات جزءاً مکمّلاً لاستراتیجیة أوسع في مکافحة التمرّد، تتضمن مختلف وسائل العنف والتأدیب، وأن تکون الأجهزة الامريکیة علی درایة کبیرة ببواطن المنظمات العدوة، وطریقة عمل قیاداتها وعملیة انتقال السلطة فیها.
من اللافت في الدراسة أنّ اداء الاستخبارات الصهیونیة وعملیاتها الخارجیة، اللذین یحظیان بالدعایة والتبجیل في الاعلام الامريکي وکلام السیاسیین، وحتی في سینما هولیوود، کانا في ذیل القائمة عندما قوّم التقریر السرّي مجموعة من حملات «الاستهداف» حول العالم. النموذج الأنجح، بالنسبة إلی تقریر الوکالة، کان النموذج الامريکي الجنوبي، في البیرو وکولومبیا، حیث تمکّنت حملة اغتیالات کبری تصاعدت منذ عام 2007، بدعم وتسلیح امريکیین بالطبع، من اضعاف منظمة «فارک» المتمرّدة علی نحو کبیر (بالفعل، أعلنت الـ«فارک» هذا الأسبوع وقف اطلاق نار من طرف واحد مع الحکومة الکولومبیة وتعلیق القتال).
في المقابل، کانت الاغتیالات الصهيونية، في کلّ مراحلها -وفقا للدراسة- "فاشلة بالإجمال، أو ولّدت نتائج عکسیة أضرّت بأمن الکیان الصهیونی؛ أکانت ضد الحرکات الفلسطینیة العلمانیة في السبعینیات - کفتح والجبهة الشعبیة وغیرها - أم ضدّ حماس وحزب الله في التسعینیات. برامج الاغتیالات «الاسرائیلیة» لم تکن ناجحة بحسب معظم معاییر الدراسة؛ والمؤلفون یشیرون مثلاً الی أن منظمة کـ«فتح» في السبعینیات، تملک بنیة قیادة بالغة المرکزیة وتعتمد الی حد کبیر علی شخصیات القادة، کان بالإمکان اضعافها عبر اغتیالات مصممة بذکاء، غیر أنّ الکثیر من عملیات الـ«موساد» الخارجیة ضدها کان فاشلاً، ومعظمها استهدف کوادر غیر ذوي شأن أو لا علاقة لهم بالصراع العسکري، وبعضها نال من ابریاء أجانب، وسبب لـ«إسرائیل» حرجاً ومشاکل – هکذا یقول تقریر الاستخبارات المرکزیة الأمیرکیة".
وبالرغم من استنتاج الدراسة بأن معظم عملیات الاغتیال لم تحقق النتائج المرجوة منها إلا أن الدراسة کشفت عن أن "محللي وکالة الاستخبارات لایوصون بالتخلي عنها أو التقلیل منها أو اعادة النظر فیها، بل ینصبّ همّهم علی جعلها أکثر «ذکاءً» وفاعلیة". کما تشدّد التوصیات علی "ضرورة توجیه عملیات الاستهداف ضد أکثر القادة تشدّداً وعنفاً وفي الوقت نفسه، علی حمایة المعتدلین... ما یزید الاحتمالیة لعقد تسویة سیاسیة. وهي سیاسة قد تفسّر – من زاویة «تآمریة» - التشکیلة التي انتهت الیها الهیاکل القیادیة في العدید من دول منطقتنا، من مصر الی فلسطین الی العراق وغیرها".