البیان الختامي للمؤتمر الدولي الثامن والعشرین للوحدة الإسلامیة
Jan ١٠, ٢٠١٥ ٠٠:٢٦ UTC
-
حضر المؤتمر مئات الشخصیات الدینیة والنخب العلمیة من ايران والعالم
أکد المؤتمر الدولي الثامن والعشرون للوحدة الاسلامیة في بیانه الاختتامي الذي صدر لیل الجمعة على حرمة الدم المسلم الذي نطق بالشهادتین وأن التقریب بین المذاهب الإسلامیة هو السبیل الوحید لتحقیق وحدة الأمة الإسلامیة، وأن الاختلاف السیاسي لا یجوز أن یستغل الخلاف العقائدي والفقهي والتاریخي بین المذاهب، داعیاً الى تعمیم منطق الحوار بین المسلمین على الأسس الشرعیة.
أولاً: یؤکد المؤتمرون انطلاقاً من مسلمات القرآن الکریم والسنة النبویة الشریفة أن الإسلام جامع لأهل القبلة، ودلیله الشهادتان اللتان تعصمان دم الناطق بهما وماله وعرضه، کما یرون أن التقریب بین المذاهب الإسلامیة سبیل مهم لتحقیق وحدة الأمة في شتى المجالات، وأن المذاهب الإسلامیة التي تؤمن بأرکان الإسلام وأصول الإیمان، ولا تنکر معلوماً من الدین بالضرورة، یؤلف المنتمون الیها بمجموعهم الأمة الإسلامیة الواحدة، وتتکافأ دماؤهم ویسعى بذمتهم أدناهم وهم ید على من سواهم، ویتعاونون لتحقیق الأهداف الإسلامیة السامیة، وأن الاختلاف السیاسي لا یجوز أن یستغل الاختلافات العقدیة أو التاریخیة أو الفقهیة، وأن إثارة أیة فتنة طائفیة أو عرقیة لا تخدم إلا أعداء الأمة، وتحقق خططهم الماکرة ضدها، وتکرس احتلالهم البغیض لأرضها مما ینبغي معه مقاومتها بالوسائل کافة.
ثانیاً: یدین المؤتمرون کل أشکال الاعتداء الصهیوني على شعبنا الصابر والمثابر والمرابط في فلسطین وخصوصاً ما یجري من محاولة هدم للمسجد الاقصى ومنازل الفلسطینیین في مدینة القدس وتهویدها، بالتغییر الدیموغرافي في أرض فلسطین ومحاصرة هذا الشعب الأبي في غزة، کما یحیون جهاد الشعب الفلسطیني البطل ومقاومته الباسلة ویدعمون جهود المصالحة بین الفصائل الفلسطینیة وتوحیدها ویؤکدون من جدید على ضرورة تنفیذ الحقوق الفلسطینیة المشروعة وأهمها حقهم في تقریر المصیر وإقامة دولتهم المستقلة على کافة الأراضي الفلسطینیة وعاصمتها القدس الشریف وحقهم في العودة إلى دیارهم، کما یؤکدون على ما دعا الیه الامام القائد الخامنئي «حفظه الله» من ضرورة تسلیح شعبنا في الضفة الغربیة لیدعم قضیة المقاومة ویطالبون المجتمع الدولي بمحاکمة المجرمین الصهاینة ومعاقبتهم على ما اقترفوه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانیة.
ثالثاً: یعلن المؤتمرون أن المقاومة حق مشروع للشعوب، ویستنکرون کل انواع الارهاب المدان إسلامیاً وعالمیاً، سواء کان فردیاً أو جماعیاً أو ما قد تمارسه بعض الدول الکبرى تحت غطاء العولمة ودمقرطة البلاد، ویعلنون دعمهم للمقاومة الاسلامیة في فلسطین ولبنان.
رابعاً: تحقیقاً للوحدة بین أهل القبلة، والتقریب بین أتباع المذاهب الإسلامیة، یدعو المؤتمرون إلي وجوب احترام المسلمین لبعضهم البعض، وإلى ترك البحث في الأمور الخلافیة للعلماء والخبراء في بحوثهم العلمیة، وعدم الإساءة والتشهیر بأحد. کما یؤکد المؤتمرون على عدم جواز توجیه ما یُعدّ انتقاصاً أو إهانة لما یحترمه أي طرف، ویشمل هذا بوجه خاص عدم جواز انتقاص آل البیت الطاهرین أو أمهات المؤمنین أو الصحابة الکرام أو أئمة المسلمین، بالنیل منهم، أو التعرض لهم بأي نوع من أنواع الإساءة القولیة أو الفعلیة، وعدم جواز استباحة المساجد ودور العبادة وکذلك الحسینیات والزوایا والمراقد. وفي هذا السیاق یثمن المؤتمرون الفتوى التاریخیة التي اصدرها سماحة الامام الخامنئي قائد الثورة الاسلامیة بخصوص تحریم النیل من رموز المذاهب الاسلامیة والإساءة لأمهات المؤمنین، والتي لاقت الترحیب الواسع من لدن کبار علماء الأمة والأوساط الدینیة والأزهر الشریف.
خامساً: یؤکد المؤتمرون أن الأمة الإسلامیة تواجه تحدیات کبرى تستهدف عقیدتها وشخصیتها وثقافتها ومقومات وجودها ودورها الحضاري المنشود وتتعرض لمؤامرات لتمزیقها جغرافیاً، ولغویاً، وقومیاً، ومذهبیاً، بل وتاریخیاً. کما تسعى لإبقائها متخلفة على الصعد الاجتماعیة والعلمیة والاقتصادیة والعسکریة وغیرها. وتخطط لإبعادها عن إسلامها والتشکیك في قدرته على مواجهة المشاکل الحیاتیة المستحدثة، وإشاعة السلوکیات المادیة المنحرفة عما رسمته الشریعة، وزرع حالة التقلید والتبعیة للغرب والانبهار به. وإشغالها بالحروب الطائفیة والعرقیة وإبعادها عن مسارها المقاوم وهذا ما نشاهده فیما تقوم به المجموعات التکفیریة المسلحة في نقاط مختلفة من العالم الاسلامي وکذلك عبر إضعاف التربیة والتعلیم الإسلامیین والتشکیك في قدرتهما على النهوض بالأمة، واختراق الإعلام الإسلامي بإشاعة روح الهزیمة والإذعان والانحلال الخلقي لئلا یقوم بدوره المطلوب في وأد الفتن والتوعیة وبناء الشخصیة الاسلامیة المتوازنة.
سادساً: یرى المؤتمرون أن هناك حاجة ماسة لوضع خطط تفصیلیة لتحقیق التقریب بین المذاهب الإسلامیة في المجالات التالیة:
1- رفع مستوى الوعي لدى المسلمین في مختلف المجالات وبخاصة في مجال فهم الإسلام وتعالیمه وأهدافه وفهم الواقع القائم على مختلف الأصعدة.
2 – مطالبة الدول الاسلامیة بتطبیق الشریعة الإسلامیة في کل مجالات الحیاة.
3 – تفعیل العملیة التعلیمیة والتربویة الشاملة لمختلف قطاعات الأمة وفق تعالیم الإسلام.
4– الاستفادة الأنجع من الإمکانات السیاسیة والاقتصادیة والجغرافیة، والطاقات العلمیة للأمة وتعبئتها لتحقیق الأهداف الکبرى ومقاومة التحدیات.
5- مساعدة الأقلیات الإسلامیة في أنحاء العالم على الاحتفاظ بهویتها وأداء شعائر دینها وتفعیل دورها في المجتمع، مع مراعاة حقوق غیر المسلمین في المجتمع الاسلامي.
6 ـ تربیة الجیل الاسلامي على ثقافة المقاومة والعزة وتشکیل بناء مستقبلي أفضل مع التأکید على الدور الایجابي للنساء والشباب وسائر فئات المجتمع.
سابعاً: یدعو المؤتمرون إلي الابداع في مجال الفکر المؤدي إلي التقریب من خلال ما یلي:
1 – تعمیق المنهج الوسطي في فهم الشریعة النابع من الکتاب والسنة الشریفة .
2- مراعاة فقه الأولویات، ومعرفة المآلات، ومراعاة الظروف المتغیرة عند اتخاذ المواقف الشرعیة.
3- مراعاة مقاصد الشریعة الثابتة، وخصائص الإسلام العامة.
4- إحیاء علم المقارنات وعلم الخلاف.
5- الاهتمام بالتعمق في فکر التقریب في مختلف البحوث والدراسات ولاسیما الفقهیة منها.
ثامناً: وعلى الصعید العملي یقترح المؤتمرون ما یلي:
1 - تعمیم منطق الحوار بین المسلمین على الأسس الشرعیة.
2- تقویة نشاطات لجنة المساعي الحمیدة ولجانها الفرعیة لتحقیق حالة التصالح بین المسلمین وحل أزماتهم. والقیام بدور الوساطة بین الحکومات والشعوب والفئات لتقریب وجهات النظر والوصول الى حل اسلامي سلمي للمشکلة في سوریا والبحرین والعراق ومیانمار وسائر مناطق النزاع والخلاف.
3- تشجیع الدراسات التقریبیة في الجامعات عبر فتح الأقسام الجامعیة في هذا التخصص وتشجیع الرسائل العلمیة وتقویة التبادل التخصصي .
4- ضبط عملیة الفتوى وفق الضوابط التي أقرتها المجامع والمصادر الفقهیة.
5- تشکیل لجنة من القانونیین تتبنى متابعة حقوق متضرري التطرف والتکفیر والارهاب.
6- تشکیل لجنة من المفکرین تقوم بإعداد برامج و خطط لضمان سلامة الاسرة المسلمة والدفاع عن حقوقها وخاصة حقوق المرأة والطفل وفقاً للقیم الانسانیة والشریعة المحمدیة.
تاسعاً: یعلن المؤتمرون أن الدعوة إلى التقریب لا تعني التعصب المذهبي ولا تسعى الى نشر مذهب بین أتباع مذهب آخر وأن ما تروجه بعض الجهات من محاولات تشییع اهل السنة او تسنین الشیعة لا یقصد منه إلا إثارة الفتن بین المسلمین وتوسیع دائرة الخلاف بین صفوف الأمة.
عاشراً: یدعو المؤتمر العالم الاسلامي وشعوب المنطقة لتوحید صفوفها في مواجهة حرکات التطرف والتکفیر ودعم المقاومة الجماهیریة في العراق وسوریا حتى استتباب الامن والاستقرار في هذین البلدین.
حادي عشر: یدعو المؤتمرون الى تظافر الجهود من اجل اغاثة المهجرین والمتضررین من عصابات التطرف والتکفیر في مختلف مناطق العالم الاسلامي خاصة العراق وسوریا.
ثاني عشر: یدعو المؤتمرون الأخوات المسلمات ممن یتمتعن بالقدرة العلمیة الى المساهمة بأبحاثهن وآرائهن في انجاح الدعوة الى التقریب وأن یکون لهن دورٌ اکثر فاعلیة في مؤتمرات الوحدة الاسلامیة ونشر الوعي التقریبي بین المجتمعات الاسلامیة.
ثالث عشر: یرى المؤتمرون أن المجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الإسلامیة قام - خلال مسیرته التي دامت حوالي ثلاثین عاماً - بأدوار مهمة لتحقیق ما مرّ في المواد السابقة بشتى الوسائل المتاحة. والمؤمل رفع بعض المعوّقات والنواقص التي تحول دون التسریع في تحقیق الاهداف المنشودة.
رابع عشر: یدعو المؤتمر المجلس الأعلى والأمانة العامة للمجمع لدراسة تقییمات اللجان وتوصیاتها، وکذلك دراسة مقترحات اللجان الدائمة للجمعیة العمومیة، والاتحاد العالمي لعلماء المقاومة.
خامس عشر: یؤکد المؤتمرون على أن القرآن الکریم والسنة النبویة الشریفة حققا للأمة الاسلامیة أجواءً انسانیة حضاریة رائعة، وأشاعا العقلانیة وروح الحوار البناء، وحریة الاجتهاد بضوابطه الشرعیة، وغرسا روح الأخوة والوحدة بعد أن وضحا خصائص الأمة الاسلامیة ورسالتها السامیة إلى العالم کله ومن ثم کان تعدد المذاهب حالة طبیعیة لها أثرها الإیجابي في تنوع الحلول للمشکلات على ضوء أحکام الشریعة الإسلامیة وأصولها.
سادس عشر: یرى المؤتمرون أن الأهواء والنزعات السیاسیة، وشیوع حالات التعصب، وجهل بعض أتباع المذاهب بحقیقة المذاهب الاخرى انحرفت بالحالة السویة تلك إلى حالة طائفیة ممزقة سادتها ظاهرة الغلو والتکفیر والتطرف والتنافر والتمزق ونقل النزاع الفکري إلى الساحة العملیة مما ترك آثاراً سلبیة خطرة على قوة الأمة وتماسکها وسهل السُبل لیقوم اعداؤها بطعنها في صمیم عقیدتها وتوجهاتها النظریة والعملیة الأصیلة.
سابع عشر: یحیي المؤتمرون جهاد الشعب الإیراني وقیادته في سبیل تطبیق شرع الله في مختلف مناحي الحیاة، ویدینون کل تآمر على هذه المسیرة الخیرة، کما یعلنون دعمهم لموقف الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة في تطویر قدراتها النوویة للأغراض السلمیة ویدینون کل الأسالیب الملتویة التي تحاول منعها من الاستفادة من حقوقها المشروعة التي تکفلها لها المعاهدات والقرارات الدولیة. ویدعون بلدان العالم الإسلامي إلى الاستفادة من هذه التجربة.
ثامن عشر: یشید المؤتمرون بجهود رواد التقریب والوحدة الإسلامیة کالسید جمال الدین الحسیني والامام الشیخ محمد عبده والامام الشیخ محمود شلتوت و الامام البروجردي والامام الخمیني والامام المودودي والامام کفتارو والامام الشیخ سعید شعبان «رحمهم الله» والامام المغیب السید موسي الصدر والامام الخامنئي «حفظه الله ورعاه».
تاسع عشر: یؤکد المؤتمرون على أن المذاهب الإسلامیة الثمانیة کلها مذاهب إسلامیة والمنتمي الى أي منها یعتبر مسلماً، له ما للمسلمین وعلیه ما علیهم، ویؤکدون على المواقف التي صدرت من مراجع الدین السنة والشیعة وخاصّة أئمة الازهر الشریف ومراجع الدین في قم المقدسة والنجف الاشرف بشأن ضرورة الاجتناب عن کل ما یؤدي إلي تمزیق الصف الإسلامي ویشجبون کل ألوان التکفیر والدعوة الى الاعتداء على دماء المسلمین واعراضهم واموالهم.
عشرون: یشکر المؤتمرون الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة وقائدها الإمام الخامنئي (دام ظله)، کما یشکرون المجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الإسلامیة على إقامة هذا المؤتمر المبارك واستضافته، ویرون في إقامة أمثال هذه اللقاءات خیراً کثیراً.
هذا وقد عقد المجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الإسلامیة بمناسبة أسبوع الوحدة الإسلامیة في ذکرى میلاد الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله وسلم) والإمام جعفر الصادق (علیه السلام)، مؤتمره الدولي الثامن والعشرین للوحدة الإسلامیة بطهران من 15-17 ربیع الأول 1436هـ الموافق 7-9 ینایر/ کانون الثاني 2015م بحضور مئات الشخصیات الدینیة والنخب العلمیة من الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة ومن سائر أنحاء العالم.
وتدارس المؤتمرون موضوع المؤتمر على مدى ثلاثة أیام وفي خمس عشرة جلسة عمل ومن خلال عرض أکثر من مائة بحث وکلمة. وقد تناول المشارکون حسب اختصاصهم الموضوعات المستجدة في مجالات التجارة والاعمال، وشؤون الشباب وطلبة الجامعات، والاحزاب السیاسیة والنساء والأساتذة والجامعات، والاعلام في إطار لجان تخصصیة مستقلة، فضلاً عن دراسة الأزمات الراهنة في عالمنا الاسلامي في لجنتي المساعي الحمیدة والجمعیة العمومیة لمجمع التقریب وبالتالي اللجنة الخاصة بالاتحاد العالمي لعلماء المقاومة وذلك للوصول الى حلول واقعیة لها.
كلمات دليلية