تأملات في رسالة قائد الثورة الإسلامية إلى الشباب الغربي
Feb ١٥, ٢٠١٥ ٠٢:٣٦ UTC
نشر موقع صيدا سيتي اللبناني السبت مقالا كتبه الشيخ أحمد نصار رئيس الرابطة الإسلامية السنيّة حول رسالة قائد الثورة الإسلامية إلى الشباب الغربي؛ وجاء في المقال:
إن رسالة قائد الثورة الإسلامية سماحة السيد على الخامنئي تأتي في وقت تحظى فيه الثورة الإسلامية في إيران باهتمام الاوساط المحلية والاقليمية والدولية، بهدف استجلاء كل جوانبها واستشراف مستقبلها، وخاصة ببعدها الثقافي والمعرفي وقوة المبدأ والإرادة والحضور السياسي، والفكري الإسلامي.
وأكد كاتب المقال أن رسالة قائد الثورة إلى الشباب الغربي، تمتاز بأنّها الأولى على صعيد العالم الإسلامي، كونها من أعلى سلطة في دولة إسلامية توجّه رسالة إلى مكوّن من مكونات الشعوب الغربية، وفي ظل مرحلة خطيرة تمر بها صورة الدعوة الإسلامية السمحة في الغرب، من خلال جماعات راديكالية وبتحريض ودعم من منظمات صهيونية تلمودية ماسونية، تستهدف تشويه صورة الاسلام والمسلمين، وخصوصاً بعد فبركة أحداث باريس التي تمثلت في الهجوم على مجلة نشرت رسوما ساخرة للنبي الاعظم محمد صلى الله عليه وآله.
كما تظهر أهمية رسالة قائد الثورة في أبعادها على الصعيد الدبلوماسي؛ حيث أوصت الحكومة الإيرانية سفاراتها في كافة الدول الغربية بمتابعة تلك الرسالة والعمل على ترجمتها ونشرها في محيطها، مؤكدة تصدّر الجمهورية الإسلامية في ايران كدولة ومرجعية في الدفاع عن الإسلام وبيان صورته الحقيقية والتصدي لقوى الظلام التي تريد تدمير المجتمعات ثقافيا وتدمير مبادئ الدين والأخلاق والحوار، لضمان مصالحها.
إن الرسالة تخاطب الشعوب الغربية عموماً وإن كان من خلال خاصيّة الشباب، وذلك كونهم قادة المستقبل، وهي إشارة إلى أن غالب ساسة الغرب لا يريدون الحوار، لأنهم جزء من المؤامرة والحرب التي تشن على الاسلام والمسلمين، وبث الكراهية والعصبيّة، ومن هنا كانت دعوة السيد الخامنئي للشباب الغربي تحديداً للبحث عن حقيقة الاسلام بعيداً عن الفكر السلبي وتأثيرات السلطة في بلادهم، ووسائل الإعلام الصهيو-غربية، والصهيو-أمريكية التي تحاول جاهدة تشويه صورة الاسلام المتسامحة والحضارية والمؤمنه بالاعتدال والمساواة والحرية والتعايش المشترك مع كل أمم الارض.
ويلفت سماحة السيد الخامنئي في بداية خطابه إلى مبدأ أساسي من مبادئ العقيدة الإسلامية وهو الأسرة، وذلك من خلال احترامه للرابط الأسري ودوره في صياغة شخصية أبنائها، تلك الأسرة التي يكاد المجتمع الغربي يتحلل منها بالكلية، ويفرض دمارها على العالم الإسلامي. فالأسرة هي النواة الأولى في بناء أي مجتمع، وفي ظلالها يتربى الإنسان الصالح وتنمو المشاعر الصالحة لديه، ومشاعر الأبوة والأمومة والبنوة والأخوة، ويتعلم من خلالها التعاون على الخير والبر، فهي المهد الحقيقي للطبيعة الإنسانية، والمناشط الفكرية والسلوكية التي تستوعب الحياة كلها، وتؤهل الفرد للعمل الجماعي من أجل حياة كريمة تصان فيها الدماء والأموال والأعراض والعدالة في الأرض.
وتركز الرسالة من جهة اخرى على منطلق البحث والمقارنة لأهل الغرب وخصوصا الشباب، الغرب الذي انتفض على الظلم في ثورته منذ قرون، ثم قضى على الحروب المذهبية في داخل مجتمعه، وتعرّضت ثورته لانحرافات صهيونية أدّت به إلى رفض فكرة دولة القيم التي تبنى على الأخلاق الدينية، واعتماد دولة فصل الدين عن كافة مناحي الحياة، فأصبحت المصالح المادية البعيدة عن القيم، هي منهجيته الغربية الاستعمارية تجاه بلاد المسلميين منذ عدة قرون، واستمرت إلى الآن، وبأقبح صور هدر كرامة المسلمين والتعدي على أوطانهم ونهب خيراتهم وبث عوامل الفرقة والعصبية المذهبية والقومية وغيرها، وقتل الملايين منهم، الأمر الذي تسبب بتطرف جزء من أفراد بعض الشعوب الإسلامية، حيث تُجير غالب الانظمة الغربية اليوم هذا التطرف المصطنع من قبلها بأنه جزء من المعتقد الاسلامي.
فكانت دعوة السيد الخامنئي الشباب الغربي، وأمام العولمة وتطور وسائل التواصل المخترقة لكل الحدود الجغرافية بين الدول، للبحث العقلاني والفكري العميق والجاد بالتاريخ الإسلامي، وتشكيل رؤيته بنفسه عما يمثله الاسلام، والمرتكز على الوقائع والحقائق، للتعرف على حقيقة التطرف وعن الأيديولوجية المصطنعة غربياً لتمدد هذا التطرف، والذي يحاول البعض أن يلصقه بالاسلام والمسلمين، الذي هم منه براء.
إن رسالة سماحة السيد الخامنئي لشباب الغرب، والمتزامنة مع الذكرى السادسة والثلاثين لانتصار الثورة الاسلامية جاءت لتؤكد على الرؤية الحضارية للشريعة الإسلامية والمتفوقة على العلمانية الغربية التي فشلت في تقديم أنموذج للتعامل مع الدين كظاهرة بشرية مستمرة مع الوجود الانساني، كما اصطدمت بمشاكل فقدان الثقة بمفهوم التقدم الغربي والحضارة والعدالة والحرية والمساواة الإنسانية.
كما تؤكد الرسالة بأن الثورة الاسلامية لاتزال تواصل التقدم على كافة الأصعدة وخاصة في النموذج الإسلامي للحكم وكقوة دولية وفكرية، وكمحور مهم من محاور الصراع الحضاري في العالم، والتي ترفض إظهار الاسلام كعدو جديد للغرب وما يسمى بإسلاموفوبيا اي الخوف من الدين الإسلامي.