استمرار الزحف المليوني نحو قبلة الاحرار كربلاء المقدسة
-
الولاء المطلق لله والوفاء لرسوله ولال بيته الاطهار
ملايين الاقدام تتحرك، لكن من يسير هي القلوب، وملايين العيون تحدق لكن من يبصر هي العقول، وملايين الحناجر تهتف لكن مصدر الصوت يأتي من واحة العشق الحسيني الذي لايضاهيه عشق.
ايام ومازال الملايين يسيرون صوب كربلاء المقدسة، قبلة الاحرار التي اكرمها الله بمغناطيسية تجتذب القلوب بسحر الهي حسيني لتحتضن الملايين من البشر، في كل عام ومن كل بقاع الارض لاحياء ذكرى اربعينية الامام الحسين (ع )، فهي مسيرة العشق، عشق يمتزج فيه خليط من الولاء المطلق لله والوفاء لرسوله الاكرم ولآل بيته الاطهار، فهذه هي مسيرة الاربعين.
في حين تتنافس آلاف المواكب والهيئات التي انتشرت على الطرقات المؤدية الى المحافظة المقدسة لايواء الزائرين وتقديم الاطعمة والمشروبات ومختلف انواع الخدمات لهم.
ان من يشاهد ما يحصل في المسيرة الاربعينية يدرك وبلا عناء ان هذا امر خارج عن ارادة البشر بل هو ارادة الهية خالصة، وانه امر اراد الله عز وجل له ان يكون، فهنا تتساوى البشرية جمعاء وتسقط الانساب والاحساب ويتنافس الاعزاء فيما بينهم ليكونوا وبكل فخر خدماً لزوار الحسين، فما اعظمك ياحسين.
هناك اعداد كبيرة من العظماء الذين تركوا بصماتهم على التاريخ البشري وغيروا مجراه، لكن لم تزحف اليهم الملايين من البشرية كما في اربعينية الامام الحسين (ع) ففي هذا الزحف المقدس، تجد الجميع بمختلف لغاتهم واعراقهم وقومياتهم، يهتفون (لبيك ياحسين)، كما تجد المرأة والرجل، والشيخ والطفل، والمعاق والسليم، والمكفوف والمبصر، والمريض والمعافى، وهنا يبادرك السؤال لماذا لم تستذكر البشرية اؤلئك العظماء في التاريخ كما تستذكر الامام الحسين على مدى الف وأربعمائة عام، اذا هي فعلاً ارادة السماء التي ارادت للحسين الخلود، ولاعدائه الفناء.
كما ارادت ان تكون عودة سبايا آل محمد في يوم العشرين من صفر، من تلك الجولة الشاقة التي أرادها يزيد (لعنه الله) لتكون دعماً لسلطانه ونصراً يسجل له على اعدائه، وقصد ان تكون تنكيلاً بآل بيت النبوة وتشهيراً بهم على انهم خوارج عن الدين.
غير ان الله بعدله وبقدرته التي لا تقهر جعل تلك الجولة هتكاً لبني أمية وفضح خروجهم عن الدين وجعلها دليلاً على وجودهم غير الشرعي في الحكم، وكانت سبباً مهماً لزوال حكمهم الذي لم يدم اكثر من 80 عاماً.
اذن كل شيء يسري بامر الله وبمشيئته عز وجل وهذه الملايين الزاحفة صوب الحسين ماهي الا صورة قدسية تتجلى فيها اروع العبر وابلغ الدروس، لتحكي للعالم اجمع وللاجيال حكاية انتصار الدم على السيف وانتصار الحق على الباطل.
فيما تنتشر مئات المواكب الحسينية على الطرق المؤدية لمدينة كربلاء المقدسة لتقديم الخدمات لملايين الزائرين من مبيت وإطعام وكافة وسائل الراحة للزائرين، كما قامت الحكومة العراقية بإنشاء المفارز الطبية وتقديم الخدمات البلدية.
وتستقبل شتى أصناف المواكب الزوار القادمين إلى كربلاء المقدسة لإحياء مراسيم أربعينية الإمام الحسين عليه السلام، فعشرات الآلاف من المواكب الحسنية المنتشرة على طول الطرق المؤدية إلى مرقد الإمام الحسين عليه السلام تقدم أفضل خدماتها للزائرين من مبيت وإطعام وكافة وسائل الراحة للزائرين.
ويبين أحد الأهالي القائمين على إحدى هذه المواكب أنها تنقسم إلى المواكب من أهالي كربلاء ومواكب أهالي المحافظات الأخرى، والتي تساهم جميعها في إطعام الطعام ثلاث وجبات وكذلك في إيواء الزائرين.
كما أن مئات المواكب الحسينية من خارج العراق جاءت لتشارك في تقديم الخدمات للزائرين أغلبها من إيران والسعودية والبحرين واليمن.
وقال أحد الشباب اليمنيين العاملين في موكب أهالي اليمن في شارع قبلة الإمام الحسين: أتينا من اليمن إلى هنا لخدمة زوار أبا عبد الله الحسين... وهذا هو تقريباً الموكب الوحيد من اليمن، يقدم الطبخ والماء ووجبات أخرى.
وتؤكد إحصائيات هيئة المواكب الحسينية تزايد أعداد المواكب الحسينية لخدمة الزوار، يضاف إليها الجهد الحكومي المتمثل بنشر المفارز الطبية والجهد البلدي.
وكل ذلك في سباق كبير لخدمة زوار الإمام الحسين عليه السلام يشارك فيه الجميع حتى الأطفال وكبار السن والنساء في صورة تعكس المكانة الكبيرة لحفيد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم عند المسلمين.
ويتوقع أن يبلغ عدد الزوار من داخل العراق سبعة عشر مليون زائر، يتوجّه اغلبهم مشيا على الاقدام الى كربلاء المقدسة.
وذكرى الأربعين هي مناسبة سنوية تاريخية خالدة تعبر عن مرور 40 يوما على الحاق رؤوس الشهداء بالاجساد الطاهرة بعد واقعة الطف وإستشهاد الإمام الحسين (سلام الله عليه)، واهل بيته وانصاره الابرار في سبيل الدين. والتي تصادف يوم العشرين من شهر صفر ولها فضيلة كبيرة.
ففي العشرين من شهر صفر سنة 61 للهجرة، وصلت فيه قافلة سبايا آل الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى ارض الغاضرية ارض كربلاء، ارض التضحية والفداء ارض المأساة والحزن، ارض قد أرتوت من دماء ابن بنت رسول الله واهل بيته الاطهار وصحبة الابرار لاحياء دين الله، ارض شهدت ما لم تشهد له البشرية مثيلا من الاباء والتضحيات، وذلك بعد رجوعهم من الشام، وهم في طريقهم الى المدينة المنوّرة، بعد انقضاء أربعين يوماً على مرور هذه الفاجعة التاريخية المؤلمة الدامية.