إنهيار مشروع التسوية هل يفضي إلى حل السلطة؟!
Apr ٢١, ٢٠١٤ ٠٣:١٠ UTC
تجد السلطة الفلسطينية مرة أخرى نفسها في موقف لا تحسد عليه بعد تسعة أشهر من المفاوضات التي لم تفض إلا للمزيد من الاستباحة للأرض الفلسطينية من خلال الاستيطان والتهويد إلى جانب مسعى امريكي صهيوني لتمرير مشروع "اتفاق اطار" إعتبره الفلسطينيون بمن فيهم دعاة التسوية، وصفة لتصفية القضية الفلسطينية واستباحة حقوق الفلسطينيين.
ولم تفلح مساعي اللحظات الاخيرة التي تبذلها واشنطن في إنقاذ المفاوضات التي تقترب من الانهيار في اعقاب الرفض الصهيوني لمتطلباتها كما تقول السلطة الفلسطينية والتي باتت على قناعة باستحالة تحقيق اختراقة مع اقتراب المهلة التفاوضية من نهايتها المقررة في 29 من الشهر الجاري، وهو ما يعني انهيار مشروع السلطة الفلسطينية التي راهنت على التسوية مع المحتل في ظل رعاية امريكية وقفت على الدوام إلى جانب تحقيق المصلحة الصهيوني على حساب الحقوق الفلسطينية، وهنا ما يدفع السلطة إلى البحث عن الخيارات البديلة لمواجهات انهيار مشروع التسوية.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس بدا يائساً من امكانية ان تحقق المفاوضات مع المحتل أي نتائج، وهو ما بدا واضحاً من خلال آخر تصريحاته والتي ادلى بها لصحيفة "المصري اليوم" والتي جاءت علنية هذه المرة، فقد هدد الرئيس عباس بحل السلطة، واعتزال العمل السياسي، وتسليم العلم الى الجيل الجديد، وقال: ان حل الدولتين يبتعد، ولا مفر من حل الدولة الواحدة، وهي تصريحات تضمنت سلسلة من الخيارات، لكن السؤال هنا هل تقف هذه التصريحات عند مستوى التهديد امام انها ستمتد هذه المرة لترتقي إلى مستوى التنفيذ الفعلي.
الاجابة عن هذا السؤال ربما يحملها اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي سيناقش في جلسة له وصفت بالحاسمة ستعقد بداية الاسبوع المقبل في رام الله، مستقبل السلطة الفلسطينية وسط تزايد الدعوات بحلها في ظل فشل المفاوضات وذلك باعتباره أعلى سلطة تشريعية للفلسطينيين، حيث ستخرج الجلسة التي ستكون قبل يومين من انتهاء المهلة التفاوضية بقرارات حاسمة للغاية تعالج المأزق الفلسطيني الحالي على كل الصعد، من حيث المفاوضات والمصالحة والانتخابات ومسألة حل السلطة من عدمه.
ووفقاً لمصادر فلسطينية، فإنه إذا كانت المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، فيوجد أمام المجلس خياران، الأول: حل السلطة ودعوة حكومة الاحتلال لتحمل مسؤولياتها تجاه احتلال دولة فلسطين، والثاني: الانضمام فوراً إلى 48 منظمة دولية بينها ميثاق روما الذي يتيح محاكمة مسؤولين مدنيين وعسكريين صهاينة.
ومع تزايد الاصوات المطالبة بحل السلطة الفلسطينية، يقول عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، محمود العالول: ان الفلسطينيين لن يقبلوا بأن تبقى السلطة منزوعة السيادة والصلاحيات، وبناءً على ذلك فإن خيار حلها سيكون مطروحاً بشكل كبير، كرد أولي على إجراءات الاحتلال التعسفية والقمعية.
ويأتي الحديث عن حل السلطة كأحد الخيارات في مواجهة الاحتلال وانتهاكاته وفشل المفاوضات، في وقت قالت فيه صحيفة يديعوت احرنوت الصهيونية: ان قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية اجتمعوا في الآونة الأخيرة مع قادة امن صهاينة وأبلغوهم عن خطة يتم دراستها لتفكيك قوات الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية وتجريد رؤساء الأجهزة الأمنية من صلاحياتهم ونقل كل المسؤولية بالكامل عن الضفة لكيان الاحتلال، وذلك كمقدمة لخيار حل السلطة والتي وصفتها الصحيفة بالخطوة الدراماتيكية التي ستغير وجه الشرق الاوسط وتورط كيان الاحتلال دولياً في حال أقدم عليها الرئيس عباس.
في كيان الاحتلال بدأوا الاستعداد لهكذا خطوة، ونقلت اذاعة جيش الاحتلال عن مصادر صهيونية رفيعة المستوى قولها: ان المستوى الامني والسياسي يعد خيارات متعددة لمرحلة ما بعد الرئيس عباس، واضافت المصادر، ان تل ابيب اجرت اتصالات واسعة مع دول اقليمية وغربية لمواجهة مخاطر حل السلطة الفلسطينية حال اقدم عباس على اتخاذ خطوات دراماتيكية في هذا الاتجاه وحتى لا تتفاجأ حكومة الاحتلال على المستوى الداخلي والاقليمي.
وتابعت المصادر ذاتها، ان تياراً كبيراً في الاجهزة الامنية يحذر من خطورة اقدام عباس على تلك الخطوة التي من شأنها ان تغير وجه الشرق الاوسط، فيما تدفع جهات اخرى باتجاه ترك الرئيس الفلسطيني لمنصبه زاعمة وجود خيارات فلسطينية اخرى اكثر واقعية.
واعتبرت وسائل إعلام صهيونية ورغم تصريحات رئيس حزب البيت اليهودي وزير الاقتصاد نفتالي بينت، "من أنه لا أحد سيتشبث برئيس السلطة إذا أراد حل السلطة والذهاب الى البيت"، أن تلميح الرئيس عباس بإمكانية حل السلطة الفلسطينية من شأنه أن "يورط" كيان الاحتلال.
وقال موقع "واينت" الصهيوني: يتضح أن ثمة مبادرة تتبلور خلف الكواليس يمكن أن تشكل خطراً على حل الدولتين، وأن تضع كيان الاحتلال أمام مشكلة خطيرة تتمثل بإعلان الفلسطينيين أنهم "دولة تحت الاحتلال، وهو ما يعني إلغاء اتفاقات أوسلو وإلغاء مكانة السلطة الفلسطينية كجهة سيادية، وبذلك تنتقل المسؤولية عن السكان في الضفة الغربية إلى لاحتلال".
ويؤكد المراقبون، أن فكرة حل السلطة ليست بالجديدة بل متجددة، وفي أكثر من مرة خلال السنوات السابقة لوح أبو مازن باتخاذ قرارات من هذا النوع، وانه أبلغ الأمريكيين أكثر من مرة باستعداده فوراً لتسليم مفاتيح السلطة إلى كيان الاحتلال، ويرى المراقبون أنه وفي كل مرة كانت فكرة حل السلطة نوعا من الانتحار، لكن لا يمكن الاستمرار بهذه الطريقة، هكذا يقول الفلسطينيون.