التسوية ومساعي واشنطن .. الاحتلال المستفيد والفلسطينيون يدفعون الثمن
Apr ٠٧, ٢٠١٤ ٠٣:٢٢ UTC
-
فشل اجتماع عريقات ولفيني وانديك بتحقيق أي اختراق أو تقدم
تكثف الإدارة الامريكية مساعيها لإنعاش التسوية المتعثرة بفعل التصلب الصهيوني في المواقف والتي خيمت على اللقاءات التفاوضية التي عقدت على مدار أشهرها التسعة دون أن تحمل معها أي جديد، رغم إحدى عشرة جولة مكوكية لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري قادته إلى المنطقة في مسعى للدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق إطار بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الصهيوني وهو ما كان يحلم به الوزير الأمريكي.
لكن الحلم تبخر مع اعلان حكومة الاحتلال رفضها الافراج عن الدفعة الرابعة من اسرى ما قبل اوسلو وفقاً لما كان مقرر له في 29 من الشهر الماضي، حسب نص اتفاق العودة للمفاوضات، وهو ما زاد من صعوبة المهمة امام الادارة الامريكية حيث اعلنت السلطة الفلسطينية فشل المفاوضات والتوجه للأمم المتحدة للانضمام الى مؤسساتها رداً على الرفض الصهيوني الافراج عن دفعة الاسرى.
كل ذلك جاء مع اقتراب انتهاء المدة التي منحت للمفاوضات لتقتصر المهمة الامريكية على السعي لتمديد المفاوضات رغم المأزق الذي تعيشه. ورغم اليأس الذي يخيم على الادارة الامريكية تجاه احداث اختراق على هذا الصعيد وهو ما بدا من بعض التصريحات المتشائمة التي اطلقها عدد من المسؤولين الامريكيين ومن بينهم وزير الخارجية الا ان المساعي الامريكية لم تتوقف والتي لاقت دعما من قبل الاتحاد الاوروبي الذي اعرب عن دعمه لجهود واشنطن، داعيا الطرفين الفلسطيني والصهيوني للاستمرار في العملية التفاوضية.
مارتن اندك المبعوث الامريكي الدائم للتسوية في المنطقة واصل رعايته للقاءات بين الفلسطينيين والصهاينة املاً في الوصول الى الغاية المرجوة من خلال الضغط على الاحتلال للإفراج عن دفعة الاسرى وعلى السلطة الفلسطينية لثنيها عن توجهها للامم المتحدة، وحينها يمكن البحث في تمديد المفاوضات حتى نهاية العام الجاري، لكن آخر هذه اللقاءات انتهت إلى الفشل دون ان تفلح ولو في تحريك المواقف بشكل من شأنه أن يعطي انطباعاً او أملاً بإمكانية المسير.
السلطة الفلسطينية وضعت شروطاً لإمكانية التمديد ابرزها اعتراف خطي من قبل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بحدود الرابع من حزيران حدوداً للدولة الفلسطينية ووقف الاستيطان والافراج عن مئات الاسرى بينهم مروان البرغوثي واحمد سعدات، وهو ما رفضته حكومة الاحتلال ورأت في الشروط افشالاً لمساعي الولايات المتحدة الامريكية.. لكن السؤال هنا عن قدرة كل طرف في التمسك بمواقفه في ضوء الضغوط الامريكية، بالنسبة لحكومة الاحتلال فهي واقعة بين مطرقة تهديد ائتلافها في حال اطلقت سراح الاسرى وسندان العزلة الدولية التي تنتظرها في حال توقفت المفاوضات والتي من شأن توقفها تصعيد مخاوف الاحتلال من انفجار الاوضاع كما كان عليه الحال في اعقاب فشل مفاوضات كامب ديفيد واندلاع انتفاضة الاقصى.
وعلى الجانب الفلسطيني فالخطوة الاممية لاقت استحساناً وتأييداً من قبل الفلسطينيين وسط دعوات مستمرة للإبقاء على مواقفها، لكن ذلك لا يعني عدم وجود ازمات بانتظارها في ظل الاجراءات العقابية من قبل حكومة الاحتلال، هذا الى جانب التلويح بقطع المساعدات وخشيتها من تحمل مسؤولية افشال الجهود الامريكية، لكن مواقف الاحتلال ومتطلباته من التسوية والتي كانت حاضرة في اللقاءات التفاوضية ورفض الافراج عن الاسرى لم يبق لها من خيارات، وإلا فما ينتظر القضية الفلسطينية ليس سوى التصفية. لم تبق حكومة الاحتلال الصهيوني للفلسطينيين ما يمكن ان يخسروه تحت عباءة المفاوضات ليبقى المطلوب ضرورة تمسك الفلسطينيين بمواقفهم وتوجهاتهم، لأن الثمن الذي سيدفعونه سيكون أكبر وعلى حساب قضيتهم وثوابتهم.
الاحتلال المستفيد الوحيد
أما بالنسبة للمحتل فيبقى هو المستفيد الاول والوحيد من بقاء المفاوضات ومواصلتها وهو ما تؤكده ردود الفعل القوية من قبل حكومة الاحتلال الصهيوني على اعلان السلطة الفلسطينية فشل المفاوضات والتوجه للأمم المتحدة للانضمام إلى 15 من مؤسساتها.
فقد استباحت حكومات الاحتلال المتعاقبة وعلى مدار سنوات التسوية التي مضت كافة مناحي الحياة لديهم إلى جانب مقومات بقائهم وبقي الفلسطيني هو من يدفع الثمن حتى من قوته اليومي، فلم توقف المفاوضات الاستيطان، بل سرعت حكومة الاحتلال من وتيرتها وهو ما اكدته اشهر المفاوضات التسعة التي مضت حيث اعلن الاحتلال عن اقامة الاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين ومع المفاوضات ازدادت اعداد المستوطنين اضعافاً وفقاً لإحصاءات رسمية صهيونية، واحتدمت المعركة على منطقة الاغوار والتي اعلن المحتل ضمها لكيانه وعزز سياسة الاستيطان فيها، كما انها أي المفاوضات لم تحد على الاقل من وتيرة التهويد التي باتت تهدد بتغييب الوجه الحقيقي لمدينة القدس والمسجد الاقصى الذي بات يتعرض لمخاطر غير مسبوقة بعد أن تعالت الاصوات الصهيونية التي تطالب بفرض السيطرة عليه تمهيداً لإقامة هيكلهم المزعوم على انقاضه.
هذا إلى جانب العمليات التي تهدد محيطه وذلك في اطار سياسة صهيونية تهدف إلى تطويقه بالمواقع التلموذية والكنس والتي لن يكون آخرها كنيس "جوهرة اسرائيل" التي صادقت حكومة الاحتلال على اقامته على بعد امتار قليلة من اسوار المسجد الاقصى.
ولم يكن الدم الفلسطيني بمنأى عن هذا الاستهداف الصهيوني، ووفقاً للفلسطينيين فإن اكثر من 50 فلسطينياً استشهدوا منذ استئناف المفاوضات في يوليو/ تموز الماضي، واصيب المئات هذا إلى جانب المداهمات الليلة والاعتقالات التي باتت تطال كل بيت فلسطيني، ورفعت معها اعداد الاسرى في سجون الاحتلال الصهيوني والذين بدورهم يتعرضون لأبشع صور الانتهاكات وفي مقدمتها سياسة الموت البطيء والتي تهدد حياتهم وفي المقدمة المرضى منهم.
هذه السياسات هي التي لازمت مسيرة التسوية على مدار العشرين عاماً التي مضت، ولذا لم يكن مستغرباً ردود الاحتلال القوية ازاء رفض السلطة الفلسطينية التمديد للمفاوضات التي قاربت مدتها على الانتهاء وفقاً لما هو مقرر لها في 29 من الشهر الجاري، وذلك ليس حباً في الابقاء على اللقاءات التفاوضية وانما لما تشكله هذه المفاوضات من مظلة لتكريس واقع احتلاله والتهامه للأرض الفلسطينية، فمن خلال المفاوضات يمكن للمحتل تمرير مخططاته وبصمت ودون أي اثارة عربية او دولية من شأنها أن تعيق خطوات تهويد الارض ومصادرته وتهجير ساكنيها.
وفي ضوء ما ذكر داوم الفلسطينيون على المطالبة بوقف المفاوضات مع حكومة الاحتلال وطي صفحة ما يسمى بالتسوية للأبد والتي يدفع الفلسطيني ثمن البقاء فيها من أرضه ومقدساته ودمه، حيث الضوء الاخضر الذي توفره للمحتل للسيطرة على كل شيء وقتل حتى اوهام الحالمين من دعاة التسوية بإقامة دولة على ارض يتغذى عليها الاستيطان وبشكل يومي.
كلمات دليلية