المصالحة الفلسطينية بين إمكانية التنفيذ واختلاف
(last modified Wed, 16 Apr 2014 02:15:24 GMT )
Apr ١٦, ٢٠١٤ ٠٢:١٥ UTC
  • رئيس الحكومة الفلسطينية اسماعيل هنية
    رئيس الحكومة الفلسطينية اسماعيل هنية

إستبق رئيس حكومة غزة اسماعيل هنية وصول الوفد الرئاسي المكلف من قبل الرئيس محمود عباس إلى غزة للبحث في سبل تحقيق المصالحة وطي صفحة الانقسام، بالدعوة إلى بناء معادلة فلسطينية جديدة لمواجهة المفاوضات ترتكز على استعادة الوحدة الوطنية وفتح الباب أمام المقاومة بكافة أشكالها في كل الأراضي الفلسطينية.



وقال هنية خلال كلمة له في مؤتمر حول قضية الأسرى بعنوان "الأسرى الفلسطينيون عنوان الحرية" عُقد في الجامعة الإسلامية بغزة بمشاركة قيادات وطنية وأسرى محررين وأكاديميين وطلبة وأهالي الأسرى والمختصين والمهتمين: إن دعوته التي طرحها لمواجهة المفاوضات ترتكز على عناصر عدة أهمها، استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، موضحاً أن حركته تسير على خطى الطريق، حيث سيبحث اللقاء المقبل في كل الملفات، لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة والدوحة رزمة واحدة وليس الحوار.

وأكد هنية ضرورة انجاز برنامج الوفاق الوطني، وأن يتوافق الفلسطينيون على برنامج وطني يحمي الحقوق والثوابت، وكل الخيارات التي تحقق للفلسطينيين تطلعاتهم، كما دعا إلى إعادة بناء المرجعية القيادية للشعب الفلسطيني ممثلة بإجراءات انتخابات المجلس الوطني حيث ما أمكن.

ومن المقرر أن يصل الوفد الرئاسي المكلف ببحث تنفيذ توافقات المصالحة مطلع الاسبوع المقبل وفقاً لاتصال جرى بين هنية وعزام الاحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول ملف الحوار فيها. وعن اهداف الزيارة يقول عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد المدني: ان الوفد سيشرح الوضع السياسي لتغليب المصلحة الوطنية، واتخاذ خطوات ايجابية، وسيتم مناقشة إجراء الانتخابات، مشيراً إلى أنه إذا لم توافق حركة حماس على ذلك فسنقوم بإجراءات محددة، لكن نأمل مشاركة جميع فصائل العمل الوطني.

ومن هذه الاجراءات يقول المدني: سنقوم بإجراء بانتخابات ديمقراطية خاصة أن كل المؤسسات انتهت مدتها القانونية، وستتخذ السلطة الفلسطينية كافة الإجراءات في حال لم توافق حماس – وهو ما لا نتمناه، لكنه أعرب عن تفاؤله أن يخرج لقاء وفد المصالحة القادم لغزة بنتائج وخطوات ايجابية لإنهاء ملف الانقسام وإغلاقه في ظل الظروف التي تحيط بالقضية الفلسطينية والتعنت الصهيوني، وهو ما يعني أن زيارة الوفد ربما تكون الفرصة الاخيرة لطي صفحة الانقسام وتحقيق المصالحة.

بدورها، حركة حماس رفضت ما أسمته تلويح جهات في السلطة الفلسطينية بإجراء انتخابات منفردة في الضفة الغربية، حال فشلت مهمة لجنة المصالحة الخماسية في غزة. وقال الناطق باسم حماس فوزي برهوم: لا أعتقد أن تلويح الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن بورقة المصالحة، وتهديده بإجراء انتخابات أحادية في الضفة ستكسبه شرعية، أو ستزيد في رصيد أوراق القوة لديه في مواجهته مع الاحتلال والضغوط الأمريكية.

وتتطلع حركة حماس إلى أن يحمل الوفد القادم إلى غزة، في جعبته الكثير من الإيجابية والتعاطي مع الإجراءات التنفيذية لاتفاق المصالحة وفق التفاهمات الموقع عليها، رافضة في الوقت ذاته اختصار المصالحة في الاتفاق على تشكيل حكومة توافق وتحديد موعد فوري للانتخابات، مؤكدة أن المصالحة يجب أن يتم تنفيذها وفق اتفاق الرزمة الواحدة وبما يشمل الإطار القيادي المؤقت وحل ملف الأمن.

وفي ظل اختلاف القراءات حول المطلوب البدء في تنفيذه لتحقيق المصالحة، تكمن ما يمكن تسميته بالمعوقات في طريق المصالحة، ويقول عضو المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور موسى أبو مرزوق: ان لجنة المصالحة التي تم تشكيلها في الاجتماع الأخير للمجلس المركزي نهاية شهر آذار/ مارس الماضي، لم تتوافق بعد على مهمتها التي ستذهب بها إلى غزة، داعياً لمراجعة مسيرة المصالحة، واستئناف عجلتها من حيث توقفت بعيداً عن أي حسابات أخرى، معترفاً أن هناك الكثير من المعوقات لكن إرادة المصالحة يجب أن تتغلب.

وأضاف، أن الحديث من قبل قيادات فتح المتكرر أن لجنة المصالحة، تقتصر مهمتها على التفاهم لإجراء الانتخابات، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، أي لم يعد أحد منهم يتحدث عن تطبيق ما تم الاتفاق والتوقيع عليه في القاهرة والدوحة، لأن ما تم الاتفاق عليه لا يقتصر على تشكيل الحكومة، وإجراء الانتخابات، لأنها تشمل أيضاً المنظمة، والحريات، والأمن، والمصالحة المجتمعية، والشق الآخر والمتمثل بلجنة المنظمة، باعتبارها الإطار القيادي المؤقت للمنظمة مهامها السياسية والهيكلية.

ويعتقد ابو مرزوق أن من يريد تجزئة ما تم الاتفاق عليه وينتقي ما يروق له ليمضيَّ فيه ويدع الباقي هو الذي لا يريد للمصالحة أن تنجح، وإن مضت المصالحة تجاوزاً على مقاسه، فهو لا يريد لها أن تستمر طويلاً، وتجربة اتفاق مكة لا زالت ماثلة للعيان.

وكانت مصادر صحفية تحدثت عن جملة قرارات مصيرية سيتم اتخاذها في حال فشلت مهمة الوفد الرئاسي إلى غزة، ومن بين هذه القرارات أن الرئيس سيطلب من أعضاء اللجنة التنفيذية الاتفاق على وضع خطة قابلة للتنفيذ، يكون أساسها إجراء الانتخابات، لتكون الخطة قادرة على التغلب على مشكلة عدم التمكن من إجراء الانتخابات، في ظل عدم الاتفاق مع حماس، التي يتوقع أن لا توافق للوفد الذي سيزور غزة على عملية إجراء الانتخابات بشكل عام في غزة والضفة.

ومن شأن هكذا احاديث اعطاء مؤشر بقلة فرص تحقيق المصالحة، وفقاً للنائب الثاني للمجلس التشريعي الدكتور حسن خريشة، الذي أشار إلى ان السلطات الثلاث ومن بينها المجلس التشريعي لا يحق وفقاً للقانون لأحد أن يحلها، ولا يعطي القانون للرئيس حل المجلس التشريعي حتى في حال الطوارئ. لكن خريشة أكد أن الطرح الذي يحمله وفد فتح لحركة حماس سيكون إجراء الانتخابات في غزة والضفة بالتزامن. ولكن في حال فشل الوفد من أخذ موافقة من حركة حماس لإجراء الانتخابات، فإن حديث عباس واضح، حيث قال "لا يمكن أن يبقى الوضع الفلسطيني بدون برلمان" أي أن رام الله مصرة على إجراء الانتخابات منفردة وهذا ما لا نأمله.

جدير بالذكر، أن اتفاق القاهرة للمصالحة الذي وقع في شهر أيار/مايو من العام 2011، ينص على ان تشكل حكومة توافق فلسطيني من شخصيات مستقلة، تتبعها بعد ستة شهور عملية انتخابات عامة، للرئاسة والمجلس التشريعي والمجلس الوطني.

لكن رغم توقيع الاتفاق وما تلاه من إعلان الدوحة الخاص بتشكيل حكومة التوافق، لم تتمكن حركتا فتح وحماس حتى اللحظة من تطبيق بنود ما جرى الاتفاق عليه على أرض الواقع.