القدس ...47 عاماً من الاستيطان والتهويد لم تحقق اهداف الاحتلال
أحيا الفلسطينيون الذكرى السابعة والأربعين لاحتلال الشطر الشرقي لمدينة القدس، ففي العام سبعة وستين من القرن الماضي أكمل كيان الاحتلال احتلاله لباقي فلسطين التاريخية، فيما بات يعرف بعد ذلك بالنكسة. وكانت القدس الشرقية ابرز المدن التي احتلت، ليشكل ذلك اليوم علامة فارقة في تاريخ الامة العربية والاسلامية التي استفاقت على ضياع ما تبقى من المدينة المقدسة والتي تعتبر جزءاً من عقيدة المسلمين.
وقد اعتبر الفلسطينيون أن احتلال مدينة القدس قبل سبعة وأربعين عاماً، كان نكبة تاريخية حلّت بالأمة العربية والإسلامية بأسرها. ويرى عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الاسلامي أن ذلك اليوم الذي سقطت فيه القدس من أشد الأيام سواداً في تاريخ الأمة العربية والإسلامية بأسرها، لما تمثله المدينة من رمزية وقداسة في ديننا وتاريخنا.
وقال الشيخ عزام أن سقوط القدس يعني وصول العلو والإفساد الصهيوني إلى ذروته، منوهاً إلى أن الآثار التي خلفها ذلك اليوم الأسود تفعل فعلها في حياتنا وواقعنا حيث تواصل حكومة الاحتلال محاولاتها طمس المعالم العربية والإسلامية والحضارية لهذه المدينة المقدسة.
واعرب عن أسفه لحالة التقصير والتخاذل العربي والإسلامي في حماية مدينة القدس من التهويد والعدوان المسعور الذي يتواصل ضد أهلها ومعالمها الحضارية والتاريخية، ونبّه عضو المكتب السياسي للجهاد الإسلامي إلى خطورة إقامة علاقات دبلوماسية مع كيان الاحتلال، لأن ذلك من شأنه أن يشجع الاحتلال على مواصلة تهويده للقدس وعدوانه ضد أهلها.
وعلى مدار احتلال المدينة بقيت ترزح تحت الاحتلال الذي بدأ منذ اللحظات الاولى يخط سياسته لتحويل المدينة المقدسة من مدينة عربية واسلامية إلى مدينة يهودية تكون عاصمة ابدية لكيانه المزعوم.
استهل كيان الاحتلال سياسته الممنهجة هذه بهدم باب المغاربة وتوسيع باحة البراق واعادة اعمار الحي اليهودي في البلدة القديمة، وعمدت إلى وضع تصورات وتقديم مقترحات لكيفية التعامل مع الوضع الجديد من الناحية القانونية والسياسية والامنية، والتي سارعت حكومة الاحتلال للمصادقة عليها، فكانت بمثابة الاستراتيجية الصهيونية للسنوات القادمة، والتي نفذتها كل الحكومات المتعاقبة لتكريس ما أسمته بالقدس الكبرى.
لقد وسعت قوات الاحتلال مساحة القدس من سبعة كيلو مترات الى سبعين كيلومتراً، وكان الهدف من القرار هو فصل القدس عن الضفة الغربية، خاصة في حال اجراء مفاوضات سياسية مستقبلية، واحاطت القدس بسلسلة من المستوطنات التي عزلتها عن شمال الضفة وجنوبها وربطها بسلسلة من الطرق الجديدة لكي لا يصبح هناك فرق بين تل ابيب والقدس، هذا إلى جانب سن قانون باعتبار القدس عاصمة موحدة وابدية لكيان الاحتلال ونقل كل الوزرات ومؤسساته للمدينة باستثناء وزارة الحرب وذلك لأسباب امنية.
وفيما يتعلق بالمقدسيين فقد منحهم المحتل وضعاً خاصاً، حيث تعامل معهم كمقيمين وليسوا كمواطنين، مما يحرمهم من حقوق المواطنة، والهدف من ذلك هو ان لا يصبحوا مواطنين كفلسطينيي الثمانية والأربعين وبالتالي يؤدي الى زيادة عدد فلسطينيي الداخل، وكذلك عملت سلطات الاحتلال على سن الكثير من القوانين التي تهدف الى التضييق على السكان الفلسطينيين بهدف اجبارهم على الرحيل عن المدينة وفي نفس الوقت سن الكثير من القوانين التي تشجع على توطين اليهود في القدس في مقابل تفريغ ساكنيها المقدسيين منها واخراج أحياء مقدسية باكملها من المدينة.
لكن ما يقرب من نصف قرن كانت حبلى بالسياسات العنصرية والتهويدية التي ترجمها المحتل على الارض سعياً لتهويد المدينة وتغيير معالمها، إلا ان المقدسيين يؤكدون ان الهدف الاستراتيجي من هذه السياسة والقاضي بتغيير جذري في معالمها الاسلامية والمسيحية وكذلك اجراء تغيير جذري في طبيعتها الديمغرافية، هذا الهدف لم يتم تحقيقة حتى الان، كل ما تم تحقيقه هنا او هناك لم يغير من وضع القدس كمدينة محتلة.
فسبعة واربعون عاماً لم تكسر عزيمة المقدسيين في مواصلة التشبت بحقهم والدفاع عن مدينتهم رغم اتساع رقعة ما يستهدف من سياسة صهيونية باتت تتهدد كل ما من شأنه ان يدلل على هوية المدينة العربي وحضارتها الاسلامية، ويؤكد المقدسيون والذين نظموا وقفة احتجاجية في ذكرى احتلال مدينتهم انهم الباقون والمحتل إلى زوال، ويقول مفتي القدس والديار الفلسطيينة الشيخ محمد حسين، فإن الاحتلال الغاشم والظالم يحاول تهويد البشر والحجر، ويحاول طمس معالم المدينة الاسلامية والعربية، لكن القدس ستبقى القلب والعاصمة الابدية لفلسطين، ونؤكد أن الاحتلال الى زوال بالرغم من جبروته وغطرسته، ويؤكد وزير شؤون القدس في الحكومة الفلسطينية الجديدة إن الحكومة الصهيونية تتخبط اليوم، تخبط ما بعده تخبط في ظل الصمود غير المسبوق الذي تبديه المدينة وساكنيها في مواجهة سياسات التهويد والاستيطان التي يحاول من خلالها المحتل تغيير وجه المدينة ومعالمها.
واكد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في ذكرى احتلال القدس أن المقاومة الفلسطينية لن تلقي عن كتفها السلاح في مواجهة الاحتلال، مشدداً على أن حركته مصممة على تحرير القدس والأسرى، ودعا الى تشكيل جيش القدس لتحرير المدينة وتحرير فلسطين.
وخرج الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة نصرة للقدس ورفضاً لاستمرار احتلالها، هذا ومن المقرر ان تنطلق مسيرات مماثلة في أكثر من 80 مدينة في شتى انحاء العالم لنصرة المدينة ورسالتها كما قال منظموها "أيها الصهيانة أوقفوا عدوانكم الغاشم عن مدينة القدس والمسجد الاقصى وعن مقدساتنا من المساجد والكنائيس ، ومقابرنا، ومعالمنا الاسلامية والمسيحية، وارحلوا عنها وعن سائر فلسطين، لانه لا مقام لكم في هذه الارض المباركة، والارض أرضنا ولا هيكل لكم عندنا في هذه الارض".