ثلاث فرضيات حول تحطم الطائرة الجزائرية شمال مالي
Jul ٢٥, ٢٠١٤ ٢٣:١٠ UTC
تضاربت أمس (الجمعة) بالجزائر الأخبار حول أسباب تحطم طائرة الخطوط الجوية الجزائرية، المستأجرة من شركة "سويفت إير" الإسبانية، وأعلن بالجزائر الحداد لمدة ثلاثة أيام، على الضحايا الجزائريين الستة.
الفرضية الأولى، وهي الأقرب إلى الحقيقة حسب خوجة، أن قائد الطائرة الإسباني "أخطأ في المسار الذي أعطي له من طرف برج المراقبة بمطار الجزائر. فالمعلومات التي بحوزتنا تفيد بأنه أبلغ برج المراقبة بأن الطائرة تتجه نحو منطقة تعرف اضطراباً جوياً حاداً ميَزته رعود قوية، وقد طلب تغيير المسار. وبناء على ذلك أعطي له مساراً آخر، وقد رصدت رادارات برج المراقبة الطائرة وهي تغيَر الاتجاه لكن بعد لحظات قليلة اختفت الطائرة من شاشة جهاز المراقبة، وانقطع الاتصال بطاقمها".
ورجح خوجة، الذي يشتغل بالخطوط الجوية الجزائرية منذ 30 سنة، دخول قائد الطائرة في مسار غير الذي أعطي له. وأضاف: "وحتى في هذه الحالة، يفترض أن الطائرة لا تغيب عن موجات الرادارات. إنه أمر محيَر فعلاً.هل حدث عطب فني حال دون رصد اتجاه الطائرة؟".
وتتمثل الفرضية الثانية في تعرض الطائرة لقصف صاروخي وهي تعبر منطقة غاوو، التي تعرف نزاعات حادة بين جماعات طرقية انفصالية والحكومة المالية المحلية. ويقول حامة آغ سيد أحمد مسؤول العلاقات الخارجية بـ"الحركة الوطنية لتحرير أزواد"، التي تطالب بانفصال الشمال، في اتصال هاتفي: "من يقول أن جماعة مسلحة قصفت الطائرة، فهو لا يعرف حقيقة الميدان في شمال مالي. أولاً قرية غوسي التي سقطت بها الطائرة خالية من أي تواجد للانسان وحتى الحيوان، بسبب قساوة الطبيعة هناك. وربما ما لا يعرفه الكثير أن الصحراء التي سقطت فيها الطائرة، هي الأكبر مساحة بالمنطقة بعد صحراء الجزائر. وثانياً وهو الأهم، هو أن الجماعات المسلحة الطرقية، أو المجموعات التي تسمي نفسها جهادية، لا تملك عتاداً حربياً بإمكانه استهداف طائرة وهي تحلق في السماء".
يشار إلى أن الكارثة وقعت قبل ساعات قليلة، من انتهاء مفاوضات جرت بالجزائر بين انفصاليين طرقيين وممثلين عن الحكومة المالية، أفرزت اتفاقاً أولياً بوقف المواجهة بين الطرفين على أن يتم في مرحلة لاحقة على شروط التوصل لاتفاق سلام نهائي.
أما الفرضية الثالثة فهي احتمال وجود إرهابي داخل الطائرة، وبهذا الخصوص يقول ضابط مخابرات جزائري رفض نشر اسمه: "أعرف مطار واغاو دوغو (أقلعت منه الطائرة) جيداً، بحكم مهام قادتني إليه عدة مرات. ففيه تنعدم الشروط الأمنية وبإمكان إدخال أسلحة بسهولة إلى الطائرة، بدفع رشوة لأحد أعوان الأمن بالمطار". ولا تعطي السلطات الجزائرية مصداقية كبيرة لهذا الإحتمال.
وقال سفيان صديقي وهو طيَار بالخطوط الجوية الجزائرية، إن اثنين من الجزائريين الستة الذين قتلوا في الحادثة زميلان له في الشركة، أحدهما طيار سافر إلى بوركينافاسو في إطار مهمة لفائدة شركته، يدعى لطفي دبايلي (45 سنة)، وهو إبن الناشط السياسي المعروف صدّيق دبايلي قيادي الحزب المعارض "جبهة القوى الإشتراكية"، المتوفي عام 2000. أما الجزائري الآخر فهو ينتمي لقسم موظفي الملاحة الجوية وكان في مهمة مع الطيار. وبقية الجزائريين، وهم أربعة، فنيون في شركة فرنسية ببوركينافاسو، كانوا بصدد العودة إلى الجزائر لقضاء إجازة الصيف.
وينتمي ركاب الطائرة الـ116 (118 حسب مصادر فرنسية) إلى عدة جنسيات، من بينهم51 فرنسياً و27 من بوركينا فاسو و20 لبنانياً، و6 جزائريين و5 كنديين و4 ألمان و2 من لوكسمبورغ، ومصري، إضافة إلى أفراد الطاقم الستة للطائرة وهم من جنسية إسبانية.
ودعا وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمارة في منتصف نهار أمس الجمعة، بالمطار قبيل سفره إلى مالي، إلى "تفادي الخوض في فرضيات الحادثة احتراماً لعائلات الضحايا، وعلينا أن ننتظر نتائج التحقيق". وقال إن الماليين الذين كانوا بالجزائر في إطار مفاوضات السلام، هم أول من حددوا مكان سقوط الطائرة.
وذكر وزير النقل عمر غول الذي كان برفقة لعمامرة، أن خبراء وزارته حصلوا على صور عن حطام الطائرة. مشيراً إلى انه زار بنفسه عائلات الجزائريين الستة، "وقدمنا لهم تعازي فخامة رئيس الجمهورية (عبد العزيز بوتفليقة)، وأكدنا لهم أن الدولة تقف بجنبهم في مصابهم". لافتاً إلى أن "صلاحية التحقيق في ملابسات الكارثة تعود إلى البلد الذي وقعت فيه، أي دولة مالي، أما الجزائر وفرنسا وربما دول أخرى فستكتفي بالمساعدة".
وسئل عن العلبتين السوداوين، اللتين أعلنت السلطات الفرنسية عن العثور على إحداهما، قال غول: "الإجراءات بهذا الشأن معروفة، فالبلد الذي وقعت فيه الحادثة والشركة التي نقلت المسافرين، والشركة التي صنعت الطائرة، هي الأطراف المخوَلة بفحص العلبة السوداء لإعطاء النتائج".
وأضاف أن الطائرة كانت تحلق في ارتفاع 900 متر عندما اختفت، وأن مكان تحطمها يبعد عن مطار واغادوغو بـ800 كيلومتر. مشيراً إلى أن نفس الطائرة قامت بخمس رحلات من قبل على نفس الخط، واستبعد فرضية العطب الفني بحجة أنها خضعت لمراجعة تقنية بفرنسا قبل أيام قليلة.
وأعلنت الرئاسة الجزائرية الحداد لمدة ثلاثة أيام، ابتداء من يوم الجمعة.