القنيطرة .. جبهة تتداخل فيها العوامل الإقليمية والدولية ضد دمشق
Sep ١٢, ٢٠١٤ ٢٢:٤٧ UTC
تختلف المواجهات بين وحدات الجيش السوري والمجموعات المسلحة في القنيطرة جنوب غرب البلد عن كل المواجهات الدائرة على امتداد الجغرافيا السورية.
الأمر لا يرتبط بالتأكيد بقوة وعنف او اتساع تلك المواجهات. بل بالتحديد بموقع القنيطرة التي يمر فيها خط الفصل بين الجزء المحتل من الجولان والجزء المحرر. فلتلك الأراضي الوعرة بتضاريسها بين جبلية وسهلية ومرتفعة قيمة مضاعفة في المواجهات الحامية بين الجيش السوري والمسلحين، مع مراقبة الاحتلال الصهيوني لما يجري على الأرض ورسم سيناريوهات لاتزال غائمة وذلك لطبيعة التحرك في الفترة المقبلة خصوصاً مع تبدل كبير في القوى الموجودة قرب السياج، وابتعاد وحدات الجيش السوري عن السياج والمعبر، ولو لفترة وجيزة، بانتظار عمل عسكري كبير يجري الاعداد له لإسترجاع ما فقده الجيش في المواجهة مع المسلحين الذين ينتمون الى ما تسمى "جبهة النصرة" و"جبهة ثوار سوريا" و" حركة الشام" وفصائل أخرى صغيرة ومتعددة.
الواقع الميداني
في الخريطة الميدانية، بات المسلحون يسيطرون على القطاع الجنوبي والأوسط من القنيطرة، ويهددون مواقع حكومية في الجزء الشمالي وخصوصاً في مدينة البعث وبلدتي خان أرنبة وجبا ومزارع صغيرة مثل كوم اللويسية التي تشكل مدخل أوتستراد السلام الرابط بين القنيطرة ودمشق.
لا تبعد القنيطرة عن العاصمة السورية أكثر من 64 كم. مسافة تجعلها أقرب المدن السورية لدمشق من جهة، وتهدد بالتالي بقيام المسلحين بأعمال لقطع أوتستراد السلام أو حتى محاولات التسلل الى بلدات قريبة من ريف العاصمة الغربية وخصوصاً من جهة خان الشيح وسعسع التي تتواجد فيهما المجموعات المسلحة، والانتقال بالتالي لتهديد جديدة عرطوز، المدينة الهادئة والمكتظة بعشرات الآلاف والتي تبعد عن دمشق أقل من 15 كم.
وقائع يدركها القادة الميدانيون في الجيش السوري. لذلك كان التحرك قوياً على المحاور التي تقترب من أوتستراد السلام أولاً وكان ذلك عبر غارات يومية على مواقع المسلحين في خان الشيح وبلدة بيت جن ومزرعة بيت جن وسعسع وحتى التدخل مع محيط مدينتي زاكية والكسوة جنوباً. والأهم هو مواصلة العمل العسكري في القنيطرة وعلى محاور رئيسة في تل بلدة مسحرة ومحيط بلدة نبع الصخر والتركيز على القصف الصاروخي لمواقع باتت تعج بالمسلحين القادمين خصوصاً من ريف درعا الى ريف القنيطرة والذين باتوا عملياً يمتلكون خط تنقل واسع باتجاه الحدود الأردنية، ما يتيح لهم التنقل والتحرك للعناصر البشرية مع السلاح والتواصل المباشر مع القواعد الخلفية داخل الأراضي الأردنية خصوصاً مع الاعلان الامريكي عن دور أردني بتدريب مجموعات مسلحة لمواجهة ما قيل عن خطر مسلحي "داعش" وبالتأكيد الضغط على النظام السوري.
القصف السوري حقق أهدافاً مهمة بالقضاء على عشرات المسلحين مع تحضيرات تجري لعمل بري يعيد الأمور الى ما كانت عليه، وبالتالي إبعاد المسلحين عن تحقيق هدفهم بالتقدم نحو محور دمشق من جانب، والقضاء على مخطط ربط الريفين الغربي للقنيطرة بالشرقي لدرعا ومنع تشكيل جبهة ضاغطة على جنوب دمشق عبر طريق درعا أيضاً. مع الإشارة الى سيطرة كاملة للجيش السوري على ذلك المحور نظراً لخطورته وربطه سورياً بالحدود الأردنية.
عمليات الجيش تستهدف أيضاً الوجود المسلح في منطقة خان الشيح حيث يسجل يومياً عدداً من الغارات الجوية في محيط من الغطاء النباتي والكتل البنائية الكثيفة خصوصاً لجهة الابنية العشوائية ومخيم اللاجئين الفلسطينيين. فيما يسيطر الجيش السوري على المحاور باتجاه سفوح جبل الشيخ من جهتي قطنا غرباً وحتى مزرعة بيت جن التي تفصل أراضي القنيطرة عن ريف دمشق الغربي.
سيناريوهات الاحتلال
في الطرف المقابل، لا يمكن التكهن بالخطوات الصهيونية القادمة، لكن الأمور تدعو للحذر خصوصاً مع الدور الصهيوني المعلن باستقبال عدد كبير من جرحى المسلحين ومعالجتهم وإرجاعهم الى جبهات القتال. والأهم ربما يتصل بتقديم معلومات عسكرية مباشرة عن تحركات الجيش السوري بفضل أجهزة الرصد المتقدمة لدى الاحتلال الصهيوني، وقد حققت تلك المعطيات أفضلية للمسلحين الذين يفتقرون أساساً لخبرات وإمكانيات وحدات الجيش السوري. إشارات تزداد أهمية مع ربطها بقيام جبهة النصرة بخطف 43 جندياً فلبينياً من قوات الفصل الدولية في الجولان المحتل "يوندوف" ما طرح على المستوى الدولي مسألة وجود تلك القوات وربما البحث في تغيير مهمتها أو حتى سحبها لاحقاً بانتظار معرفة التخطيط الأمريكي والغربي عموماً لما سيقرر دعماً للإحتلال الصهيوني.. والإشارة الأخرى والأكثر وضوحاً تأتي من حالة الارتياح والاطمئنان المقبلة للإحتلال الصهيوني على الجبهة السورية بالرغم من أنها كانت جبهة هادئة نسبياً، ذلك ان وجود المسلحين يقدم خدمة هائلة للاحتلال المثخن جراحاً جراء العدوان على قطاع غزة، والمتحسب لأية مواجهة مقبلة مع قوى المقاومة من لبنان الى غزة جنوباً.
وقائع تجعل من جبهة الجولان مرشحة لتطورات كبيرة جداً إن على الصعيد الميداني، أو حتى في إطار التحركات على موضوع القوات الدولية "يوندوف" ولا يغيب عن البال دور المجموعات المسلحة في تلك المنطقة في إطار المخطط الامريكي المعلن عن الحرب على "داعش".