النازحون في غزة... أوضاع مأساوية وتحذيرات من تباطؤ الإعمار
Sep ١٣, ٢٠١٤ ٠٢:٢٢ UTC
تتسع دائرة المخاوف لدى الفلسطينيين من التباطؤ الحاصل في عملية إعادة الإعمار، وما يفاقم من هذه المخاوف هي التجارب السابقة التي حدثت في الحربين الماضيتين في العامين ألفين وثمانية وألفين واثني عشر.
وفي أحاديث منفصلة للكثير من النازحين والمهجرين والذين دمرت بيوتهم ولازالوا يقبعون في مراكز ايواء في أوضاع غاية في القسوة، لم يخف هؤلاء خشيتهم من اطالة امد الحال التي يعيشونها وتأخير إعادة إعمار منازلهم، مؤكدين ان "فصل الشتاء يقترب ولا مأوى يحمينا من مطره وبرده وحتى شقق الايجار غير متوفرة. وان توفرت فلا نملك الأجرة"، مطالبين حكومة التوافق الوطني بـ"تحمل مسؤولياتها في هذا الاطار والتدخل العاجل لإنقاذنا من الاوضاع الصعبة التي نعيشها".
مازال أكثر من 63 الف نازح يقبعون في مراكز ايواء في مدارس تتبع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الاونروا، فيما يعيش 50 ألفاً آخرين مع عائلات مضيفة. وذلك حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الذي اضاف ان الاحتلال الصهيوني وخلال حربه على غزة دمر ما يقرب من خمسين الف وحدة سكنية بينها اربعة عشر ألف وحدة دمرت بشكل كامل وزاد من اعداد المهجرين والذين بدا عليهم البؤس والحزن جراء ما آلت إليه حياتهم وحياة اطفالهم بعد ان فقدوا كل شيء تحت انقاض منازلهم التي دمرت دون ان يتمكن أصحابها من اخراج بعضاً من ممتلكاتهم او حاجياتهم.
ويطالب الفلسطينيون بتوفير كل السبل والمساعي من أجل الإسراع في إعادة إعمار القطاع بشكل يضمن للمهاجرين عودة الحياة بشكل طبيعي. وتتفق فصائل فلسطينية ومنظمات أهلية أن ملف إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان الصهيوني الأخير مسؤولية وطنية يتشارك فيها الجميع، داعين إلى عدم التباطؤ في هذا الملف وإيلائه الأهمية القصوى خلال الفترة المقبلة، مؤكدة ضرورة تشكيل لجنة وطنية عليا لتمكين حكومة التوافق من أداء مهماتها في القطاع سيما ملف إعادة الإعمار، على أن يكون للجنة دور الإشراف والرقابة، باعتبار أن القضية تمس جميع القوى الوطنية والإسلامية التي تضررت بفعل العدوان.
ويُحمّل الناطق باسم حركة حماس سامي أبو زهري حكومة التوافق الوطني مسؤولية إعادة إعمار قطاع غزة، لكنه يؤكد أن ذلك يحتاج إلى لجنة وطنية عليا لمتابعة العمل ومراقبته؛ "فلا انفصام بين دور الفصائل والحكومة في هذا الموضوع". ويدعو أبو زهري حكومة التوافق إلى ممارسة دورها في القطاع، والإسراع بتحمل مسؤولياتها بإغاثة العائلات المتضررة بفعل العدوان من خلال إسكانها وتوفير مستلزماتها إلى حين إعادة الإعمار.
ويقول القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب إنه من المفترض أن تشارك لجنة وطنية في التنسيق مع حكومة التوافق الوطني لتوجيه بوصلة إعادة الإعمار باتجاهها الصحيح، على أن تكون الجهة المنفذة هي الحكومة. وعبر استغرابه من التباطؤ الحاصل في ملف إعادة الإعمار، مؤكداً أن على الحكومة التقدم للقيام بدورها وتحمل مسؤولية الشعب الفلسطيني الذي يتطلع للبدء سريعاً بإعادة الإعمار. وطالب القيادي بحركة الجهاد الإسلامي القاهرة بممارسة دورها في الضغط على الكيان الصهيوني لتنفيذ ما تم التوافق عليه.
ويحذر القيادي بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جميل مزهر من ربط ملف إعادة الإعمار بملف آخر، مشيراً إلى ان هكذا ربط سيكون له انعكاسات سلبية وخطرة على المشردين، مؤكداً أن هذا الملف أوسع من أن تقوم به الحكومة وحدها باعتباره يمس جميع القوى الوطنية والإسلامية.
ويؤكد رئيس شبكة المنظمات الأهلية محسن أبو رمضان أن مسؤولية إعادة الإعمار مسؤولية وطنية، مشيراً إلى إصدار الشبكة ورقة موقف تدعو إلى تشكيل هيئة وطنية مستقلة تشرف على إعادة الإعمار يرأسها وزير مقيم بغزة، ويشارك فيها مسؤولون عن القطاع الخاص والمنظمات الأهلية والدولية. ويلمس رئيس شبكة المنظمات الأهلية عملية إبطاء في إعادة الإعمار، محذراً من دخول القطاع في كارثة كبرى بحال عدم وجود خطط وطنية شاملة تشرف عليها الحكومة لإعادة إعمار كافة القطاعات المتضررة، والتي تتراوح أضرارها مجتمعة ما بين 6- 8 مليارات دولار، بحسب أبو رمضان. لكن اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار في غزة تؤكد ان اعادة إعمار غزة تبقى مرهونة برفع الحصار بشكل كلي عن القطاع والسماح لمواد البناء بالدخول بعيداً عن أية احاديث عن رقابة واشتراطات لحصول عملية الاعمار. وكان المفوض العام للأونروا، حذر من أنه مع بقاء الحصار الحالي على قطاع غزة، فان عملية إعادة الاعمار قد تستغرق أكثر من عقد مشيراً إلى ان ما ألحقته آلة الدمار الصهيوني في غزة لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث.
وفي ظل هكذا أوضاع، تبقى اعين الفلسطينيين نحو مصر والتي من المقرر أن تحتضن مطلع أكتوبر المقبل مؤتمراً دولياً لإعادة إعمار القطاع بالتنسيق مع النرويج، ومن المتوقع أن توجه القاهرة وأوسلو خلال الأيام القادمة دعوات للدول العربية والإسلامية والغربية للمشاركة فيه.