محاولات صهيونية لإبقاء الاقتصادي الغزي في دائرة التبعية له
(last modified Tue, 02 Dec 2014 05:13:08 GMT )
Dec ٠٢, ٢٠١٤ ٠٥:١٣ UTC
  • مصنع للمشروبات الغازية في غزة دمره العدوان الصهيوني
    مصنع للمشروبات الغازية في غزة دمره العدوان الصهيوني

يعيش الاقتصاد الغزي واقعاً مرير بفعل الاستهداف الصهيوني المستمر والمتواصل والذي بلغ ذروته خلال الحرب الصهيونية الاخيرة التي شنت على غزة، فقد نال هذا الاقتصاد الكثير من الدمار الذي حال بغزة.

ورغم مرور أكثر من ثلاثة اشهر على توقف تلك الحرب إلا ان هذا الاقتصاد لا زال يعاني الويلات والتداعيات لما حل به دون ان يتمكن من استعادة عافيته، فالحصار ورغم توقف الحرب لا زال يكمل دوره في انهاك كل مناحي حياة الغزيين بما في ذلك اقتصادهم. فلم تسلم المنشآت الاقتصادية في قطاع غزة من نار الحرب التي استمرت واحد وخمسين يوماً وطالت كل شيئاً بلا استثناء.

يقول الغزيون إن ما نجا من دمار حربي الفين وثمانية والفين واثنا عشر اتت عليه حرب الفين واربعة عشر، ووفقاً لأحدث الاحصائيات الصادرة عن وزارة الاقتصاد في حكومة التوافق الوطني فإن الاحتلال الصهيوني دمر أكثر من 500 منشأة صناعية وتشكل 60% من الطاقة الانتاجية لاقتصاد القطاع، بشكل مدروس ومخطط لضرب البنى التحتية للاقتصاد الفلسطيني، وهو ما أدى إلى توقف ما تبقى من عجلات الإنتاج، وانضم بقية آلاف العمال لطابور البطالة، وتحوّل القطاع الصناعي والإنشائي بذلك "من حالة غيبوبة لموت سريري".

ومن بين المصانع التي اتت عليها الة الدمار الصهيونية كان مصنع الكرتون الوحيد على مستوى غزة والضفة وكيان الاحتلال ليوقف عجلة عشرات المصانع التي كانت تعتمد عليه في تغليف وتعليب منتجاتها.

ويقول صاحب المصنع الواقع وسط القطاع أسامة الخزندار إن الخسائر الأولية لتدميره تفوق الـ4 مليون دولار، وبتوقف عمل المصنع كاملاً ينقطع مصدر الدخل عن أكثر من 40 أسرة إضافة لمهندسين وإداريين و4 شركاء، فيما يحتاج المصنع لعودة عجلة العمل فيه لعام ونصف إلى عامين، هذا في حال توفرت الأموال اللازمة وتم إدخال الماكينات التي دمرت كاملة.

الحال ذاته كان مع مصنع العودة للبسكويت الذي يعد الاضخم والذي كان هدفاً متعمد لقذائف الاحتلال المدفعية والتي ادت إلى إحراقه بالكامل، ويقول نائب رئيس مجلس إدارة المصنع إياد التلباني إن الخسائر التقديرية الأولية نتيجة استهداف المصنع تفوق الـ25 مليون دولار، وهو رقم قابل للزيادة مع إحصاء أضرار وخسائر أخرى على المدى القريب والبعيد.

ومع اغلاق ابواب المصنع يقول التلباني ينضم بتدمير المصنع 450 عاملاً إلى طابور البطالة, مشيراً إلى أن مصنعه كان يصدر قبل حصار غزة عام 2007 ما يعادل الـ60 % من منتجاته للضفة الغربية و40% لغزة، ولكنه ومنذ ذلك العام يخسر يوميًا بسبب منع تصدير المنتجات.

ويؤكد نائب رئيس الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية علي الحايك إلى أن لجان حصر الأضرار التي بدأ عملها بعد أكثر من اسبوعين على توقف الحرب حصرت تدمير 550 منشأة كليًا في القطاع الصناعي فقط, مضيفاً أن 1000 ورشة ومحل تجاري تم تدميرها أيضًا خلال العدوان الأخير خلافًا لمنشآت الصناعة، مؤكدا أن الاحتلال اختار وبعناية تدمير كبرى مصانع القطاع لتدمير محاور الاقتصاد .

وبالتحاق عمال القطاع الخاص للعاطلين تصل معدلات البطالة إلى 70%، وفق الحايك، الذي يؤكد أن المصانع التي دمرت كانت تستوعب ألاف العمال أبرزها مصانع المواد الغذائية والصناعات الإنشائية التي كانت تعمل ضمن مشاريع دولية.

وبحسب الحايك فإن الاحتلال دمر خلال عدواني عام 2008 وعام 2012 حوالي 1700 منشأة، وكان له أثر في تشريد ألاف العمال، وبالتالي أتى عدوان 2014 ليشرد من تبقى من هؤلاء وبهذا يفسر وصول معدل البطالة لـ70%, مبيناً أن القطاع الخاص تكبد منذ عام 2006 ومرورًا بعدواني 2008 و2012 والاجتياحات المتكررة حوالي 11 مليار دولار.

وقال الحايك ان الهدف من وراء التدمير الممنهج والمبرمج هو ابقاء الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة تابع للاقتصاد الصهيوني وان يتحول قطاع غزة الى مجتمع مستهلك للمنتجات الصهيونية مستدلا بتصميم الاحتلال على تدمير هذه المصانع في كل مواجهة وبعضها دمر ثلاث مرات.

وفقاً للمراقبين فقد حقق الاقتصاد الفلسطيني الغزي نقلة نوعية نحو النمو خلال الفترة الماضية أثبت خلالها أنه قادر على منافسة الاقتصاد الصهيوني والاستقلال عنه، وهو ما لم يرق لـ"كيان الاحتلال" ولذلك تعمدت تدمير محاوره وأعمدته الإنتاجية . ويقول الخبير الاقتصادي معين رجب إن كيان الاحتلال يعتبر الاقتصاد جزءًا أساسيًا من محاور الصراع مع الفلسطينيين، وقد برز هذا في استهدافها للقطاع الإنشائي خلال حروبها الثلاثة على غزة.

ويضيف "يريد الاحتلال إبقاء الاقتصاد الفلسطيني تبعي واستهلاكي كما يهدف لدفع المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال للهجرة إلى خارج القطاع، حتى يعود الاقتصاد ليكون تابعًا له خاصة وأن قوات الاحتلال تستفيد من هذه التبعية مليار دولار سنويًا".

ولكن ورغم كل المحاولات الصهيونية يؤكد الخبير الاقتصادي أن الاقتصاد الفلسطيني أثبت وعلى مدار سنوات استهدافه بدئًا باحتلال عام 1967 ومرورًا بالانتفاضتين وما بينهما والحروب الثلاثة أنه قادر على الوقوف مرة أخرى واثبات جدارته وقدرته على النمو, مضيفاً أن ذلك يتوقف على عاملين انتظام عمل المعابر والسماح بتدفق الاحتياجات من الخارج من المعدات والأليات والماكينات ومستلزمات الانتاج، والثاني توفير التمويل اللازم لتغطية الخسائر التي سببه العدوان.