إستيطان الظل
Dec ٣١, ٢٠١٤ ٠٣:٥٣ UTC
يطوي عام 2014 آخر صفحاته على واقع تزايد أعداد المستوطنين في الضفة الغربية واتساع رقعة المستوطنات، إذ أسفرت سياسة الاحتلال الاستيطانية عن مضاعفة حجم الاستيطان في الضفة الغربية بإقرار إقامة نحو 7 آلاف وحدة استيطانية جديدة منذ حزيران (يونيو) الماضي، وارتفاع عدد المستوطنين لأكثر من 570 ألف مستوطن مسلحين اليوم بقرار رسمي حكومي.
وأسهم ما يسمى "استيطان الظل" بنسبة 65-70 % من حجم النشاط الاستيطاني الفعلي خلال تلك الفترة، بينما لم يتجاوز الإعلان الرسمي منه سوى نسبة 35 %، بنحو ألفي وحدة استيطانية جديدة، شغلت القدس المحتلة النصيب الأوفر منها.
وأوضح مدير مركز القدس الدولي للدراسات والأبحاث حسن خاطر أن "سلطات الاحتلال أقامت زهاء 5 آلاف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة بشكل غير معلن، منذ حادثة خطف المستوطنين في حزيران (يونيو) الماضي". وقال خاطر إن "الأنشطة الاستيطانية التي تمارس في "الظل" تتم عادة من خلال مقاولي القطاع الخاص، وليس عبر إجراءات رسمية مثل طرح العطاءات الحكومية والإخطار بها في الصحف المحلية". وأضاف إن "استيطان "الظل" استقطع النسبة الأكبر من حجم النشاط الاستيطاني الفعلي بنسبة تتراوح بين 65–70%، من إجمالي حوالي 6-7 آلاف وحدة استيطانية، عبر إقامة وحدات استيطانية جديدة أو توسيع القائم منها". في حين "لم يمثل الإعلان الرسمي للقرارات الاستيطانية سوى 35% فقط من حجم الاستيطان الفعلي، عبر إقرار إقامة 2000 وحدة استيطانية منذ حزيران الماضي"، بحسبه.
واعتبر خبير الاستيطان رئيس اللجنة العامة للدفاع عن الأراضي الفلسطينية المحتلة عبد الهادي هنطش أن "المعلن صهيونياً عن الأنشطة الاستيطانية يخالف معطياتها الرقمية الفعلية". وبحسب هنطش فإن حكومة الاحتلال تتخفى، أمام المجتمع الدولي وراء المنظمات الصهيونية المتطرفة لقضم الأراضي الفلسطينية واستلاب حق ملكيتها الثابت تاريخياً وقانونياً من مواطنيها الفلسطينيين، ضمن ما يسميه هنطش "الاستيطان الهادئ"، مشيراً إلى أن " الاحتلال أقام أكثر من 10 آلاف وحدة استيطانية جديدة في الضفة والقدس المحتلتين، منذ بداية العام الجاري".
ويوضح هنطش أن سياسة الاحتلال تقوم على إنشاء كتل استيطانية لا يسهل إزالتها عند بلوغ تسوية سياسية، بينما يمضي في تهويد القدس المحتلة ومصادرة الأراضي وهدم المنازل وشق الطرق الالتفافية، من أجل منع أي محاولة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود العام 1967". لافتاً إلى "ارتفاع عدد المستوطنين لأكثر من 570 ألف مستوطن، ضمن 260 مستعمرة، و360 بؤرة استيطانية، في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة".
مصادرة الاراضي
وتمهيداً لمزيد من الاستيطان، إتسعت دائرة مصادرة الارض من قبل المحتل تحت حجج وذرائع مختلفة. وقد أعلنت حكومة الاحتلال مصادرتها لعشرات الالاف من الدونمات الفلسطينية لإقامة المزيد من المستوطنات هذا إلى جانب نقل معسكرات تتبع جيش الاحتلال إلى النقب المحتل وتسليم اراضيها إلى المستوطنين لإقامة بؤر استيطانية جديدة. وكشفت صحيفة "هآرتس" الصهيونية النقاب عن خطة "صهيونية" لتحويل 35 ألف دونم في الضفة تعتبرها حكومة الاحتلال "أراضي دولة" لتوسيع المستوطنات. وبينت الصحيفة أن "كيان الاحتلال" استولى على مليون دونم من أراضي الضفة وحولها إلى معسكرات تدريب للجيش، لكن بعد اتفاقيات أوسلو تم نقل المعسكرات إلى النقب وفي ذات الوقت تواصلت السيطرة على الأراضي ومنع أصحابها الفلسطينيين من دخولها بعد اعلانها "أراضي دولة"، والتي تم تخصيصها لصالح المستوطنين.
تسليح المستوطنين
وفي العام 2014 أيضاً، إستكملت سلطات الاحتلال حلقة عدوانها في الأراضي المحتلة من خلال اتخاذ عدة إجراءات مؤخراً، من بينها تسليح المستوطنين، ما شكل "ضوء أخضر لتصعيد العدوان ضد الشعب الفلسطيني"، بحسب المسؤولين، وذلك في وقت تصاعدت فيه أصلاً اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم. ولطالما شكل المستوطنون معولاً صهيونياً لتثبيت الحدود الآمنة وتأمين العمق الاستراتيجي والسيطرة على الموارد المائية وتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية المحتلة وتأمين مستودعات الأسلحة والعتاد. وقد اصطف المستوطنون في مفاصل تاريخية مهمة من القضية الفلسطينية إلى جانب المؤسسة السياسية "الإسرائيلية" من أجل قمع الشعب الفلسطيني، بخاصة خلال انتفاضتي 1987 و2000، عبر ما امتلكوه من أسلحة وذخيرة، إلا أن الإقرار الرسمي الصادر عن الحكومة الصهيونية مؤخراً بتسليح المستوطنين "ينذر بخطورة بالغة تؤشر لحملة قادمة من تصعيد العدوان في الأراضي المحتلة"، بحسب خاطر. وقال إن "المسألة هنا لا تتعلق بمجرد دعوة لحمل السلاح، الذي يقتنيه غالبية المستوطنين، بل إعطاء الضوء الأخضر لهم من أجل استخدامه ضد الشعب الفلسطيني وارتكاب المجازر والجرائم ضدهم". فيما اعتبر هنطش أن "القرار الرسمي بتسليح المستوطنين يعدّ ضوءً أخضر لمضاعفة عدد المستوطنين المسلحين الذين ستكون لهم اليدّ الطولى في الإرهاب والعدوان ضد الشعب الفلسطيني، وفرض الحقائق المغايرة على الأرض".