جدل في الجزائر حول «محاكمة العشرية السوداء» في القضاء الفرنسي
Jan ١١, ٢٠١٥ ٠٤:٠٨ UTC
-
فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية في الحكومة الجزائرية
تثير ملاحقة شقيقين جزائريين قضائيا بفرنسا، بتهمة ممارسة التعذيب أثناء الأزمة الأمنية الخطيرة التي عاشتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، جدلا واسعا محليا يعكس صعوبة يواجهها الجزائريون في التعامل مع مخلفات ما يسمَونه "العشرية السوداء". ويرفض القضاء الجزائري استلام شكاوى بخصوص هذه الفترة، بسبب سنَ قانون يمنع "العودة إلى جراح الماضي".
وأضاف قسنطيني الذي يعدَ المتحدث باسم السلطات الجزائرية، في قضايا حقوق الانسان: "صوَت الجزائريون في 2005 على مشروع لطي الأزمة الأمنية، أسماه صاحبه (الرئيس عبد العزيز بوتفليقة) ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وفي العام التالي، تمت صياغة هذا المشروع في شكل قانون حمل نفس الإسم، يتضمن بنودا صريحة تفيد بأنه لا يجوز رفع دعاوى قضائية ضد أي كان، سواء من جانب قوات الأمن أو الجماعات الإرهابية، بتهمة ارتكاب جرائم. والهدف من هذا المنع هو لملمة الجراح وطي صفة دامية في تاريخ الجزائر".
واحتجت الأحزاب الموالية للحكومة بشدة على القضية، وطالبت فرنسا بـ"الكف عن التدخل في شؤون الجزائر الداخلية".
وتقول المادة 45 من الميثاق : "لا يجوز الشروع في أية متابعة، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدفاع والأمن للجمهورية، بجميع أسلاكها، بسبب أعمال نفذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات، ونجدة الأمة والحفاظ على مؤسسات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. يجب على الجهة القضائية المختصة التصريح بعدم قبول كل إبلاغ أو شكوى".
وسبق للقضاء الجزائري أن رفض شكوى عائلات ضحايا الاختفاءات القسرية، ضد أفراد من الأمن اتهمتهم بخطف أبنائهم، بحجة أن قانون المصالحة يمنع ذلك.
وأعلن "الاتحاد الدولي لمنظمات حقوق الإنسان"، الثلاثاء الماضي، أن قاضية تحقيق فرنسية أمرت بملاحقة الشقيقين حسين وعبد القادر محمد، المقيمين بمدينة نيم (جنوب فرنسا)، منذ 1998، وكانا مطلع التسعينيات عضوين في مليشيا مسلحة بمنطقة غليزان بالغرب الجزائري، أطلقت عليها السلطات حينها اسم "جماعات الدفاع الذاتي"، أنشأها الجيش في إطار محاربة الارهاب بتوزيع الآلاف من الأسلحة على سكان القرى النائية للذود عن أنفسهم من اعتداءات الارهابيين. ووجهت النيابة الفرنسية للشقيقين تهمة "ممارسة التعذيب خلال الحرب الأهلية بالجزائر".
وقال الرئيس الفخري لـ"الاتحاد"، باتريك بودوان، في بيان مشترك مع عائلات المفقودين بالجزائر: "هذه أول مرة في التاريخ يتم فيها محاكمة جزائريين من أجل جرائم حصلت خلال العشرية السوداء بالجزائر". ولا يعرف من هم أصحاب الشكوى، لكن الأكيد أن أشخاصا ينتمون للتيار الإسلامي بغليزان، اشتكوا قبل 20 سنة من مجازر ارتكبت في حقهم على أيدي عناصر من "الدفاع الذاتي"، بسبب أن بعضا من أبنائهم انضموا إلى الجماعات الارهابية، أو لمجرَد الشكَ في أنهم قدموا مساعدة للارهابيين.
وقال بودوان، وهو محامي وحقوقي فرنسي معروف، أن "الضحايا تعرفوا بشكل أكيد على الأخوين بأنهما قاما بالتعذيب والقتل ،والتسبب في الاختفاء القسري ضد أبنائهم".
وبحسب الناشط الحقوقي الجزائري، أمين سيدهم الذي تحدث لـ"الشرق الاوسط" في الموضوع، لا يمكن للسلطات الجزائرية أن تحتج على محاكمة حسين وعبد القادر، لأن السلطات الفرنسية أدرجت في قانون العقوبات الفرنسي عام 1994، بنود المعاهدة الدولية لمناهضة التعذيب التي صادقت عليها في 1984، ما يجعلها مرغمة على ملاحقة أي شخص موجود على أرضها، مهما كانت جنسيته، بتهمة ممارسة التعذيب في أي مكان في العالم.
كلمات دليلية