لبنان بين فكّي الإرهاب والإنقسام السياسي
May ٢٤, ٢٠١٥ ٠١:٠٠ UTC
-
المقاومة اللبنانية استطاعت أن تحسم المرحلة الأولى من معركة القلمون
معركة القلمون التي كانت قد بدأت على منابر الاعلام والسياسة قبل أسابيع بل ربما أشهر من انطلاقها في الميدان، استطاعت المقاومة من الجهة اللبنانية أن تحسم المرحلة الأولى منها، وتستعيد السيطرة على ما يقارب 57 كيلو متر مربع من مساحة الأراضي اللبنانية التي كان قد احتلها تنظيم "جبهة النصرة" الارهابي.
هذا النجاح العسكري للمقاومة والذي تميز بسرعة انجازه، قطع الطريق على ما تم تحضيره من حملة اعلامية وسياسية شرسة كان من المفترض أن ترافق عملية القلمون، بهدف التشويش عليها والضغط على قيادة المقاومة للتراجع عنها. فمن هم في موقع المسؤولية والتخطيط داخل الفريق الداعم والمتعاطف مع الجماعات الارهابية المسلحة، لم يتوقعوا ولو للحظة أن تنجح المقاومة بحسم المرحلة الأولى من هذه العملية خلال أيام، و تطرد المسلحين من كامل الجرود اللبنانية وتحاصرهم في بقعة جغرافية واحدة هي جرود عرسال، التي بات المقاومون يتمركزون على حدودها و يسيطرون مع عناصر الجيش اللبناني على معظم التلال والمرتفعات الاستراتيجية المشرفة عليها، الأمر الذي يجعل من عرسال البلدة غير مشرعة أمام المسلحين كما كان الحال خلال غزوتهم للبلدة في العام 2014، لأن غالبية معابرها اليوم باتت مقفلة من قبل الجيش اللبناني، أما المنافذ الأخرى التي يمكن استخدامها من قبلهم فهي بحكم الساقطة عسكرياً لأنها مكشوفة أمام خطوط نيران الجيش، الأمر الذي صعب احتمال فرار المسلحين من الجرود باتجاه بلدة عرسال في حال انطلاق المرحلة الثانية من معركة القلمون والتي من المفترض أن تجعل الارهابيين بين كماشة الجيش العربي السوري من الجهة السورية والمقاومة من الجهة اللبنانية.
من هنا يرى المراقبون، أن الظروف الحالية المتاحة للقضاء على الارهابيين هي بمثابة الفرصة الذهبية التي لن تتكرر في حال تفويتها، وهو ما تعكسه سرعة التحضيرات اللوجستية و العسكرية لهذه المعركة من ناحية المقاومة والجيش اللبناني، الذي أكدت قيادته أنها لن تسمح بتسلل أي عنصر ارهابي باتجاه بلدة عرسال. ويأتي قرار قيادة الجيش اللبناني هذا حسب المتابعين، نتيجةً للعقيدة الوطنية بالرغم من كل التجاذبات السياسية في هذا الملف.
ففي وقت كان من المفترض أن تكون مسألة محاربة الارهاب وإبعاد خطره عن القرى اللبنانية هماً مشتركاً عند كافة الاطراف في لبنان، يبدو أن هناك اصرارا عند البعض على تحويل هذه القضية الى خلافٍ يهدد بزيادة الانقسام السياسي في البلاد؛ أولاً عبر رفض مقترحٍ وزاريٍّ قدمه أحد وزراء تكتل التغيير والاصلاح خلال جلسة الحكومة الأخيرة، طالب بمناقشة ملف خطر المجموعات الارهابية المنتشرة في جرود عرسال على أمن القرى اللبنانية، وهو ما رأت فيه جهات وزارية رسالة واضحة ومكشوفة من الفريق المعرقل للمقترح، تعكس رفضه اصدار أي قرار قد يوفر الغطاء السياسي لقيادة الجيش، من أجل التحرك وضرب العناصر الارهابية في جرود عرسال بالتعاون مع المقاومة. و ثانياً عبر تصريحاتٍ ومواقف لقيادات حزبية، كان آخرها لرئيس حزب المستقبل سعد الحريري، الذي انتقد عبر حسابه الشخصي على التويتر ما اسماه " تدخل حزب الله " في معركة القلمون، ما فسر على أنه تغطية من قبل الحريري لوجود التكفيريين في سلسلة جبال لبنان الشرقية، كمحاولة مسبقة منه لتعطيل مفاعيل المرحلة الثانية والحاسمة من العملية العسكرية المرتقبة في جرود عرسال.
من ناحية أخرى، وعلى الضفة الشعبية يبدو أن الانقسام والبلبلة السياسية الحاصلة لم تعكس نفسها على الشارع اللبناني، الذي تشير اجواءه الى ارتياح كبير للانجازات العسكرية الأخيرة التي حققتها عملية القلمون والتي أصبحت مطلباً شعبياً ضرورياً بعد استعادة المقاومة لجرود بريتال ونحلة وتلة موسى وغيرها، و تأمين كافة القرى اللبنانية المحيطة بها. وهو ما جعل أهالي القرى التي لا تزال مهددة بخطر الارهاب عبر جرود عرسال، يطالبون بضرورة استكمال هذه العملية حتى القضاء على جميع فصائل الارهابيين من "داعش" و"النصرة" و ما يسمى بجيش فتح القلمون. الأمر الذي يراه الخبراء العسكريون متاحاً نتيجة الانهيار الكبير في صفوف هذه الفصائل الارهابية، في حال التعاون بين المقاومة والجيش اللبناني، لمنع الارهاب من اعادة التموضع في الجرود وتهديد المناطق اللبنانية مستقبلاً.
كلمات دليلية