الصحافة اللبنانية: جلسة حوار تزامنا مع مواجهات في بيروت
(last modified Thu, 17 Sep 2015 01:57:41 GMT )
Sep ١٧, ٢٠١٥ ٠١:٥٧ UTC
  • المواجهات في بيروت شهدت مطاردات في كل الاتجاهات
    المواجهات في بيروت شهدت مطاردات في كل الاتجاهات

خصصت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم المساحة الاوسع من صفحاتها للاضاءة على الجلسة الثانية من طاولة الحوار الوطني، والتي تزامنت مع اشتباكات ومواجهات عنيفة بين مجموعات من الحراك المدني و القوى الأمنية، التي رأت الصحف أنها استخدمت قوة مبالغ بها لضبط الشارع و احتواءه.


يوم «القمع» الطويل: الحراك «يقاوم»

صحيفة (السفير) رأت في افتتاحيتها أن ما حصل بالأمس يرمي الى "اجهاض" الحراك في وضح النهار: في الجلسة الثانية لطاولة الحوار، دخل النقاش في بعض التفاصيل المتعلقة بمواصفات رئيس الجمهورية، وبالنظرة الى دستور «الطائف» حيث قدم كل طرف مقاربته، ليتبين في نهاية الجلسة ان كلا من المتحاورين له «رئيسه» ولبنانه.. والأرجح، أن جلسة الحوار التي التأمت أمس كانت منفصلة عن الواقع، وكأنها عُقدت في كوكب آخر، بعدما عُلم ان أصداء العنف المفرط الذي مارسته القوى الامنية بحق المعتصمين في ساحة الشهداء، لم تصل الى قاعة الاجتماع كما أكد عدد من المشاركين بعد خروجهم!

وما جرى البارحة في الشوارع المحيطة بساحة النجمة من اعتداءات واسعة وموصوفة طالت المنخرطين في الحراك المدني، هو سلوك لا يمتّ بصلة الى منطق الدولة والقانون، بل يستعيد تقاليد الأنظمة البوليسية التي كان يُفترض أن صفحتها قد طويت. وإذا كانت القوى الامنية قد قصدت من رفع منسوب القمع احتواء الشارع وضبطه على توقيت ساعة السلطة، إلا ان النتيجة أتت عكسية على الارض، إذ ان جرعات العنف الزائد أعادت شد عصب الحراك وتوحيد صفوفه بعد التباينات التي سادت مؤخرا بين الحملات المكوّنة له. لم تترك العناصر الامنية وسيلة من وسائل القمع، إلا وطبقتها بـ «أمانة»، من دون تمييز بين الشبان والشابات العُزّل سوى من الصوت الهادر، ومن دون أن ينفع وجود العنصر النسائي ضمن الوحدات الامنية في تخفيف حدة الاعتداءات، بل العكس هو الصحيح.

ضرب مبرح، مطاردة في كل الاتجاهات، سحل عشوائي، اعتقال تعسفي، وغيرها من فنون العنف.. استُخدمت على فترات متقطعة طيلة نهار أمس، في مواجهة مجموعات الحراك، ما أدى الى سقوط عدد من الجرحى واعتقال العشرات من بينهم ست فتيات، في مشهد ينطوي على انتهاك لأبسط حقوق الانسان. وبدا واضحا ان ما حصل لم يكن مجرد رد فعل من قوى الامن على استفزاز من هنا أو هناك، بل هو أقرب الى سيناريو معد سلفا ومخطط له عن سابق تصور وتصميم.

كل شيء كان يدل على «نية مبيتة» لدى أجهزة السلطة، من الإفراط في استعمال العنف الذي لا يسوّغه أي مبرر مقنع، الى التصويب على «أهداف منتقاة» عبر توقيف بعض النشطاء ـ المفاتيح.
إنه «كمين» 16 أيلول الذي كان يرمي الى «إجهاض» الحراك في وضح النهار.

ولعله يمكن لهذا الحراك أن يضيف الى إنجازاته السابقة، واحدا إضافيا، وهو انه نجا من الكمين المحكم، وأكثر من ذلك، استطاع أن يفرض إطلاق سراح جميع الموقوفين، مع حلول المساء، ليربح جولة جديدة في معركة طويلة. وأفادت بعض المعلومات انه، خلافاً للتعليمات التي واكبت الحراك المدني منذ انطلاقته في الشارع، صدرت أمس أوامر واضحة الى القطعات المعنية في الأمن الداخلي بتوقيف من تصنفهم القيادة بـ «مثيري الشغب والفوضى والمعتدين على القوى الامنية»، واستعمال الحزم في ضبط الشارع ومنع إقفال الطرق ومعترضي المواكب، ولو بالقوة.

جنون السلطة في مواجهة الحراك

من جهتها صحيفة (الأخبار) اعتبرت أن ما قامت به القوى الأمنية من عمليات قمع للمتظاهرين كان بقرار سياسي : ابتداءً من يوم أمس، دخل تعامل قوى الأمن الداخلي مع التحركات الاحتجاجية مرحلة جديدة، عنوانها القمع. وهذا القمع ليس وليد حادثة "ميدانية"، بل نتيجة قرار، جرى التمهيد له عبر سياسيين وبيان أمني صدر يوم الأحد الماضي.القمع الذي مارسته الأجهزة الأمنية أمس بحق المتظاهرين في ساحة الشهداء، لم يكن وليد لحظته، بل هو نتيجة قرار سياسي ــ أمني، جرى التمهيد له خلال الأيام الماضية. النائب وليد جنبلاط، على عادته، كان أكثر أهل النظام صراحة. على طريقته، حذّر من تحوّل الحراك إلى مشكلة أمنية في البلاد. أما تيار المستقبل، فتولى عبر قوى الأمن الداخلي، تنفيذ القمع، وتغطيته من خلال وزير الداخلية نهاد المشنوق مدعوماً من تياره السياسي. أما المشاركون في طاولة الحوار، فصمتوا عمّا جرى على بعد أمتار منهم. بعض أنصار راعي الحوار، الرئيس نبيه بري، «كسروا هذا الصمت»، ولاقوا القوى الأمنية، وشاركوا في الاعتداء على المتظاهرين، لرسم خط أحمر تحت عنوان: «يُمنع التعرض للرئيس (بري)».

بشائر القرار السياسي ــ الأمني بدأت بالظهور يوم الأحد الماضي، حين أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي هذا القرار، من خلال القول: سنحمي التظاهرات، ولكن... وبعد الـ«ولكن» تكمن الرسالة التي لم يلتفت إليها أحد، لأن الجمهور اعتاد إهمال بيانات الأمن الداخلي، أو عدم أخذ مضمونها على محمل الجد. كان بيان المديرية، الذي يحظى بغطاء من وزير الداخلية نهاد المشنوق ومن خلفه تيار المستقبل، يعلن القرار الذي نُفِّذ أمس: «يُمنع قطع الطرقات، يُمنع التعدي على الأملاك العامة، ويُمنع المسّ بقوى الأمن الداخلي». تحت هذا العنوان، نفّذت القوى الأمنية القمع الأمس. هذا القمع منح التحركات الاحتجاجية زخماً إعلامياً كبيراً، من دون أن يُترجَم حشداً شعبياً في اعتصام ساعة رياض الصلح. خلاصة ما جرى أمس أن القوى الأمنية، ومن خلفها السلطة السياسية، «ابتلعت» صدمة التحركات الأولى، ولم تعد ترى فيها ثقلاً شعبياً مخيفاً. كان المشنوق أمس واضحاً في البوح بما في عقله، إذ قال ليلاً: «نحن نعرف حجم الحراك وهو محدود جداً». وبعد امتصاص الصدمة، بدأ وقت الهجوم، أو على الأقل، مغادرة موقع المتلقّي.
 
«الديار» تنشر مداخلات المتحاورين : لا خروقات رئاسية وتكرار للمواقف

أما صحيفة (الديار) فقد نشرت "ابرز النقاشات التي شهدتها الجلسة الثانية من الحوار"، والتي كانت حسب الصحيفة تكراراً للمواقف: تنشر «الديار» ابرز المداخلات على طاولة الحوار وان لم يحمل جديدا، لكن النقاش توسع في الجلسة الثانية للحوار، التي انعقدت امس في مجلس النواب برئاسة الرئيس نبيه بري، حول البند الاول من جدول الاعمال المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية ليشمل مواضيع سياسية ودستورية وملفات اخرى ابرزها قانون الانتخابات النيابية وقضية النفايات المتفاقمة وقرار مجلس الوزراء الاخير بشأنها.

ووفقا لاحد المشاركين في الحوار فان النقاش اخذ طابعا سياسيا ودستوريا بامتياز، وبرزت التباينات بوضوح حول المعايير التمثيلية لرئيس الجمهورية من دون الوصول الى مقاربات مشتركة في هذا الموضوع. وتدخل الرئيس بري اكثر من مرة لوضع النقاش في نصابه، مركزا على السعي الى «تدوير الزوايا» في التعاطي مع هذا الموضوع للوصول الى قواسم مشتركة او نتائج ايجابية ملموسة حول البند الاول المطروح على جدول الاعمال.

وعلمت «الديار» من مصادر مطلعة انه شدد في نهاية الجلسة على ان يأتي كل رئيس كتلة نيابية باقتراحات مكتوبة لمتابعة مناقشة هذا البند. وتحدث معظم المشاركين في الجلسة وبرزت مداخلات متكررة عديدة لا سيما تلك التي اخذت شكل السجال السياسي والدستوري حول الاستحقاق الرئاسي. الرئيس فؤاد السنيورة قدم مداخلة اولى ركز فيها على وجوب قيام النواب بواجبهم لانتخاب رئيس الجهمورية، معتبر ان هذا الامر هو الموضوع الاساسي في اطار التصدي للازمة القائمة. وكانت مداخلة للنائب سليمان فرنجية الذي شدد على تطبيق الدستور كاملا، داعيا الى انتخاب رئيس وفقا للمعايير التي تنطلق من هذا التوجه، وركز ايضا على التمثيل السياسي لا انتخاب موظفين، مكررا مخاطبة السنيورة لجهة الالتزام بالدستور كاملا.

ورد السنيورة مؤيدا الامر الذي اعتبره بعض المشاركين انه اقرار ضمني بمقاربة فرنجية. ووفقا للمصادر فان الوزير باسيل قدم اكثر من مداخلة، وركز في مداخلته الاولى على تحقيق المشاركة الحقيقية في انتخاب رئيس مسيحي قوي، مجددا موقف التيار الوطني الحر اما بانتخاب رئيس بعد اجراء انتخابات نيابية على اساس قانون جديد يعتمد النسبية واما انتخاب رئيس من الشعب. والمح في مداخلته الى انه اذا ما بقيت الامور لا تأخذ في عين الاعتبار موضوع المشاركة الحقيقية ان عدم مشاركة التيار في الحوار واردة «وليستمر الحوار من دوننا».