البنك المركزي المصري يحذر: الوضع الاقتصادي حرج
Dec ٣٠, ٢٠١٢ ٠٣:٠٣ UTC
-
البنك المركزي المصري
نفس المنبر الذي ظل الرئيس المخلوع حسني مبارك يلقي عليه خطبه لاعضاء البرلمان، لمدة 30 عاما، وقف امس الرئيس محمد مرسي ليخطب امام البرلمانيين، بعد ان كان يجلس في صفوف المعارضة يستمع لخطاب مبارك.
وقف مرسي، واطلق العنان للتفاؤل لأقصى درجة، في محاولة منه لطمأنة الشعب المصري، الذي يعيش منذ عدة اشهر في خوف وترقب، مما يتسرب له عبر وسائل الاعلام عن تدهور الاوضاع الاقتصادية في مصر.
بدأ الرئيس مرسي خطابه بالتركيز على الوضع الاقتصادي لمصر، مستعرضاً في هذا الصدد بعض المؤشرات المطمئنة، ومن بينها زيادة حركة السياحة وارتفاع صافي احتياطي النقدي لمصر الى 15.5 مليار دولار في نوفمبر الماضي بزيادة 1.1 مليار دولار عن يوليو الماضي من عام 2012.
وقال الرئيس مرسي، إن قناة السويس حققت ارتفاعا في عوائدها منذ يوليو حتى اكتوبر زاد عن الملياري دولار، وهي اكبر نسبة حققتها منذ فترة كبيرة، مضيفا انه يدرك حجم المشاكل الاقتصادية التي تواجهها مصر، وان هناك فرصا كبيرة للعبور الثالث لآفاق التنمية الحقيقية، مستنكرا الاصوات التي تقول إن مصر مقبلة على الإفلاس قائلا: "الذين يتحدثون عن الإفلاس هم المفلسون، ومصر لن تركع".
عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادي، علق على خطاب مرسي، قائلا ان الرئيس مرسي جاء بأرقام ليس لها دلالة في الاقتصاد المصري، موضحاً انه عندما اشار مرسي إلى ان الاحتياطي النقدي في البنك المركزي يصل إلى 15.5 مليار دولار، لم يوضح قيمة الاحتياطي الاجنبي، التي كانت موجودة في البنك المركزي، قبل ان يتولى مرسي رئاسة مصر، والتي كانت نحو 36 مليار دولار في بداية يناير 2011، اي ان القيمة انخفضت لاكثر من النصف!
واكد فاروق، ان مصر تعيش في مرحلة الخطر، وان الرئيس مرسي لم يتطرق إلى العجز في الميزان التجاري للدولة، مشيراً الى ان الارتفاع مستمر في الاسعار، فيما البطالة وصلت إلى ما يقرب من 40 مليون.
الاحتياطي في النقد الاجنبي يدخل فيه الودائع والقروض، التي حصلت عليها مصر من قطر وتركيا والسعودية، وهي اكثر من 4 مليارات دولار، ومصر ملتزمة برد تلك الودائع والقروض التي حصلت عليها.
وللاسف لم يوفق الرئيس مرسي في طمأنة الشعب المصري تجاه الوضع الاقتصادي لمصر والتحديات التي يواجهها، فعقب انتهاء مرسي من خطابه، اصدر البنك المركزي المصري بيانا، نسف فيه ما جاء في خطاب مرسي عن وضع مصر الاقتصادي والاحتياطي النقدي، وقال البنك المركزي في بيانه، إن المستوى الحالي من احتياطي النقد الاجنبي، يمثل الحد الادنى واصبح في مرحلة الحرج!.
واضاف البنك في بيانه: انه يتعين المحافظة عليه لتلبية الاستخدامات الحتمية، والمتمثلة في اعباء سداد المديونية الخارجية، حفاظاً على سمعة مصر في الاسواق المالية العالمية، وتغطية تكلفة الواردات من السلع الاستراتيجية والتي تتركز في المواد التموينية والمنتجات البترولية، تلبية لاحتياجات المواطنين الاساسية اليومية، فضلاً عن التحسب لمواجهة اية تحديات مستقبلية طارئة.
وتابع البيان: يواجه الاقتصاد المصري منذ بداية 2011 العديد من التحديات الجسيمة نتيجة امتداد المرحلة الانتقالية وما صاحبها من عدم استقرار سياسي، وانفلات امني انعكس سلباً على كافة المؤشرات الاقتصادية.
واوضح ان اهم تلك التحديات التأثير السلبي للاحداث الجارية على موارد النقد الاجنبي، مشيراً إلى انها تمثلت في تراجع الدخل من قطاع السياحة بنحو 30% سنوياً، نتيجة تردي الاوضاع الامنية، بالإضافة إلى انحسار الاستثمارات الخارجية المباشرة كلياً خلال العامين الماضيين والخروج الكامل لاستثمارات الاجانب في اوراق الدين وذلك نتيجة لارتفاع المخاطر المحيطة بالاقتصاد المصري وتخفيض التصنيف الائتماني لمصر بـ5 درجات.
واكد البنك المركزي، ان كل هذه التحديات ادت إلى تحول ميزان المدفوعات من تحقيق فائض بلغ نحو 1.3 مليار دولار امريكي في نهاية عام 2010، إلى تحقيق عجز بلغ نحو 21.6 مليار دولار على مدى العام.
واوضح البيان، ان الاستخدامات الرئيسة التي قام البنك المركزي بتمويلها، تمثلت في 14 مليار دولار لاستيراد السلع التموينية والمنتجات البترولية، و8 مليارات دولار لسداد اقساط وفوائد المديونية الخارجية، و13 مليار دولار لتغطية خروج المستثمرين الاجانب من سوق الدين المحلي.
واختتم البيان: بان احتياطي النقد الاجنبي انخفض من نحو 36 مليار دولار في بداية يناير 2011 إلى نحو 15 مليار دولار في نهاية نوفمبر 2012.
احزاب المعارضة، انتقدت خطاب مرسي، ووصفته بانه جاء بأرقام بعيدة عن الواقع الاقتصادي الذي تعيشه مصر، ووصف احمد خيري المتحدث الرسمي باسم حزب المصريين الاحرار، خطاب مرسي، بانه نسخة معدلة من خطابات المخلوع مبارك، لافتا إلى ان مرسي اعاد كافة ممارسات وافكار النظام السابق، مشيرا إلى ان الرئيس لم يعترف بالمشاكل التي تواجه مصر، مما يؤكد إفلاسه الفكري وانه لا يملك رؤية لعلاج المشكلات، وخاصة سرده ارقاما ليست واقعية عن الواقع الاقتصادي المصري المتدني.
وهو ما اكد عليه ايضا نبيل زكي المتحدث باسم حزب التجمع، الذي قال ان خطاب الرئيس محمد مرسي ليس موفقا، موضحا ان ارقام الدين العام مفزعة، وكل ما فعله مرسي في خطابه محاولة لتجميل صورة سلبية للغاية.
واشار زكي إلى ان مرسي تجاهل مشكلات الفقر والبطالة، التي تُعاني منها مصر، وتفاقمت خلال الستة اشهر الماضية، بسبب توقف عجلة الانتاج، موضحا ان الازمة تحتاج إلى تصحيحات جذرية في السياسة الاقتصادية.