هل يتحكم التاريخ في مصير الإنسان؟
(last modified Sat, 29 Nov 2008 20:30:00 GMT )
Nov ٢٩, ٢٠٠٨ ٢٠:٣٠ UTC
  • هل يتحكم التاريخ في مصير الإنسان؟

يحاول الفيلسوف الفرنسي لوك فيري في كتابه الأخير بعنوان "ما هو الإنسان" الإجابة على عدة أسئلة تدور حول هل يمتلك الإنسان هامشاً

يحاول الفيلسوف الفرنسي لوك فيري في كتابه الأخير بعنوان "ما هو الإنسان" الإجابة على عدة أسئلة تدور حول هل يمتلك الإنسان هامشاً من الحرية أم أنه مشروط تماماً بالظروف المادية والبيولوجية والسوسيولوجية والطبقية والفئوية؟. في البداية يقول المؤلف: ربما كنا نتذكر صيحة أحد الثوار الفرنسيين الذي صرخ قائلاً: تاريخنا ليس قانوننا! وكان يقصد بذلك أن الناس ليسوا سجناء ماضيهم، أي عهدهم القديم، وإنما هم قادرون على التحرر منه وإبداع تاريخ آخر، أو مستقبل آخر مختلف كلياً عن الماضي. فخصوصية الإنسان التي تميزه عن بقية الحيوانات أو الكائنات الموجودة على سطح الأرض هي أنه قادر على التخلص من مشروطياته الطبيعية والتاريخية أو الارتفاع فوقها. يرى الفيلسوف لوك فيري في المادية فلسفة اختزالية وناقصة لا تستطيع أن تفهم جوهر الإنسان أو خصوصيته بالقياس إلى عالم الحيوانات وبقية الكائنات. ولهذا السبب فانه يتبنى فلسفة الحرية لا الحتمية، لكن ما هي فلسفة الحرية هذه؟ وما هي المبادئ الاساسية التي ترتكز عليها؟ يرى لوك فيري أن المناقشة الأساسية جرت حول الفرق بين الإنسان والحيوان، أو بين عالم الطبيعة وعالم الثقافة. فمنذ القرن الثامن عشر راح الفلاسفة يركزون على هذه النقطة لكي يثبتوا أن الانسان يمكن أن يكون حرا، لكن ليس الحيوان، فالحيوان أسير العادة والغريزة الطبيعية، في حين أن الإنسان يستطيع أن يتجاوز ذلك، إن فلاسفة الحرية، وعلى رأسهم جان جاك روسو، يعتقدون بأن خصوصية الإنسان تكمن في مقدرته على تغيير أوضاعه أو تحسينها. أما الحيوان فيظل كما هو دون أي تغيير أو تبديل منذ البداية وحتى النهاية وبالتالي فمن الخطأ اختزال الإنسان إلى مجرد آلياته العضوية أو الفيزيولوجية كما يفعل الماديون. فالإنسان أرقى من ذلك وأعلى، ويرى المؤلف أن هناك فجوة أو قطيعة تفصل بين العالم القديم الارستقراطي ذي الطبقات الاجتماعية المتفاوتة الأهمية والذي عبرت عنه فلسفة أرسطو على أوضح وجه، وبين العالم الحديث الديمقراطي الذي لا يفرق بين الناس من حيث ولادتهم وأصولهم وإنما من حيث كفاءاتهم الشخصية فقط.