دارا صباحي... المهندس الإيراني لسفن الفضاء
Sep ٢٠, ٢٠١٤ ٠٤:٥٧ UTC
دارا صباحي؛ ولد في إيران عام 1958. في الخامسة عشرة من العمر أي؛ عام 1973 لازم الأسرة في الذهاب إلى الولايات المتحدة نزولاً عند رغبة الأب العازم على متابعة الدراسة العليا والحصول على شهادة الدكتوراه.
وهناك؛ تابع هو الدراسة وأنهى عامي الإعدادية الاخيرين في ولاية كاليفورنيا... وفي عام 1981 نال شهادة البكالوريوس في الطرق والبناء من جامعة UCLA..
في هذا الشأن، يقول: "كنت أفكر دوماً ويخال لي أني سأكون ذات يوم كاتب القصص العلمية الخيالية.. لكن لم أكن أتصور أو يخطر ببالي قط أن أعمل في يوم ما في منظمة تطلق هي سفن الفضاء! أتذكر تماماً، حينما شاهدت وأنا طفل (في الثامنة أو التاسعة من العمر تقريباً) على غلاف مجلة صورة فانتازيا لرواد الفضاء على سطح القمر.. الصورة أوقدت في داخلي شرارة حب الفضاء وما يدور من حوله من حكايات وروايات. فاتجهت بدافع هذا الحب لقراءة كتب جون فرن... التي زادتني بمرور الزمن وتتابع الأيام، رغبة في المسائل العلمية".
باشر دارا صباحي العمل وهو يحمل شهادة هندسة الطرق والبناء في شركة هندسية مهمتها بناء حظائر الطائرات.. في هذه الشركة تولى العمل على مشروع يتعلق بنفق لاختبار الهواء، إستغرق عامين أو ثلاثة مستخدماً في ذلك تقنية متطورة كانت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) تلتزمها حينذاك. أثناء ذلك، دعته منظمة JPL (احدى المنظمات المنتمية لناسا) لأن يكتب مقالاً عن تقنيته اللافتة في المشروع.
كان عليه بعد كتابة المقال الدفاع عنه في ملتقى جمعية الهندسة الميكانيكية الامريكية عام 1989. إلا أن كثرة العمل أنسته ذلك.
وهكذا، دعي مستغرباً للدفاع عما طرحه من فكرة لافتة حرية بالتأمل والاهتمام لم يسبقه إليها أحد بغض النظر عن الدرجات المتوسطة التي كانت قد منحته «ناسا».
بالتالي وبفضل مشروعه البحثي، قررت «ناسا» ان تستفيد منه في بعض أقسام محطة الفضاء الدولية ISS. علماً أنه استفيد من الفكرة هذه في زمن لم يكن فيه الحاسوب يسع لأكثر من ميغابايت واحد ولم يكن هناك بعد ما يسمى شبكة.
اول ما اقدم عليه دارا صباحي في ناسا، كان تصميم سفينة لها صلة بالقوة الموجهة لجسم رائد الفضاء، وهو إنجاز له علاقة بفرعه الدراسي.
خلال العامين أو الأعوام الثلاثة الأولى من وجوده في ناسا، كان يعمل على مشاريع مختلفة منها مشروع كان يعنى بالشاتلات الفضائية لكن لم يكن أي منها لافتاً بالنسبة إليه. المشاغل الإدارية التي كان ينفر منها، كثيرة والمشاغل او الأعمال الفنية التي كان يهواها ويتوق إليها، قليلة.
في العام الميلادي 1993، وتزامناً مع تدشين المسبار Path Finder دعي للعمل في هذا المشروع الذي مهد لأن يكون دارا صباحي لاحقاً المسؤول عن هبوط كل سفن الفضاء على سطح المريخ مستقبلاً.
فقبل عشرين عاماً كان هناك مشروع مماثل تم تنفيذه على سفن وايكينغ الفضائية... والآن وبعد مضي كل هذه السنين تقاعد كل اولئك الذين كانوا قد تعاونوا على تنفيذ المشروع، أو رحلوا عن دنيانا، ولم يجد من يعينه فيما هو عازم عليه. فقد كان وحيداً حقاً، ولم يكن أيضاً من يعي كيفية القيام بالمهمة. لذا ما كان عليه إلا التصميم والتخطيط مجدداً لكل شيء... وكان ذلك صعباً. وبالمحصلة بات دارا صباحي أول من خطط لكيفية هبوط المسبار Path Finder ما أتاح له كما مر أن يصبح كبير مهندسي قسم هبوط سفن الفضاء المتجهة نحو المريخ.
وبذلك، بات فيما يتعلق بمشروع سفن الفضاء الخمس الشخص المسؤول عن هبوط السفن كلها وكبير مهندسي بعض من هذا الهبوط على سطح الكوكب الأحمر؛ وفي المسبار Path Finder وPhoenix كان كبير مهندسي الهبوط، وفي سفينتي الفضاء الروح Spirit والفرصة Opportunity كان كبير مهندسي القسم الميكانيكي وفي مشروع سفينة الفضاء الكشاف Curosity أيضاً كان كبير مهندسي السفينة كاملة.
يقول في ذلك "لدى هبوط سفينة ما على سطح المريخ، نمر جميعاً بحالة خوف واضطراب. فبقدر ما تزداد بسفينتك أنساً ومعرفة وألفة، يزداد خوفك أيضاً لعلمك بأن هناك مائة سبيل قد يُفشل المشروع. هذا الإحساس يبقى في داخلك شهوراً. صدق أو لا تصدق بعد ستة شهور من هبوط المسبار على سطح المريخ، كنت لازلت أحلم بأننا جالسون في غرفة القيادة ونقوم بالمتأخر من أعمالنا".
المسبار فونيكس بمعنى كوكنوس؛ إسم سفينة فضاء غير آهلة، مهمتها البحث عن الماء والبيئة المناسبة للأحياء او الكائنات المجهرية على سطح كوكب المريخ. أطلقت السفينة هذه الى الفضاء في الرابع من اب/اغسطس 2007، وهبطت وفق البرنامج المخطط لها من قبل في الخامس والعشرين من أيار/ مايو 2008 في القطب الشمالي من سطح الكوكب الأحمر.
يشار إلى أن دارا صباحي حقق بتصميمه لسفينتي الفضاء الروح Spirit والفرصة Opportunity ميكانيكياً أربعة إنجازات كبيرة لعلوم الفضاء:
توجهت سفينتا الفضاء "الروح" و"الفرصة" صيف 2003 مع تقلص المسافة بين الارض والمريخ إلى أدنى حالتها في العقود الاخيرة، نحو الكوكب الأحمر... في العام ذاته حطت السفينتان هذا الكوكب. كان المقرر ان تعمل السفينتان تسعين يوماً فقط، لكن دقة التصميم وصنع السفينتين الفضائيتين الفذ مكّنهما من اجتياز شتاء المريخ أيضاً والعمل مدة أطول. سنة المريخ، توازي ضعف سنة الارض تقريباً. ويتميز شتاء المريخ ببرده القارس وطوله فصله وذلك نظراً لبعد الكوكب الاحمر وطول مسافته البعيدة جداً مقارنة بالأرض عن الشمس.
وقد تسنى لـ"الروح" و"الفرصة" طوال السنة المريخية هذه إرسال سبعمئة ألف صورة الى الارض، وقطع مسافة تزيد عن عشرة آلاف متر من تربة المريخ المملوءة بالاحجار والصخور، وثقب الكثير من تكلم الاحجار والصخور واختبارها.
وانطلاقاً من عدم قدرتها على التحرك في الفترة من 2009 إلى 2014، فإنه تقرر أن تقوم سفينة "الروح" بمهماتها البحثية وهي في مكانها. أما سفينة الفضاء "الفرصة" فكانت تواصل السير باتجاه بركان (انديور) الخامد.
* السفينتان حصلتا على شواهد تؤكد وجود الماء الجاري سابقاً على المريخ، وهو ما لقب بأعظم اكتشاف عام 2003. العثور على ما يؤكد وجود الماء فيما مضى على سطح الكوكب الأحمر، كان المهمة الاساس لسفينتي الفضاء "الروح" و"الفرصة". ويبدو أنهما، نجحتا مبكراً في هذه المهمة تماماً.
* عثرت السفينتان على شواهد كثيرة بخصوص فعاليات المريخ الجوفية. وارتقتا تلالاً كان بلوغها حلماً لا اكثر واكتشفتا كذلك الكثير من واقع سطح المريخ وحقائقه. طبعاً بينت معلومات مماثلة أرسلتها السفينتان من جانبي المريخ، وجود هذه الشواهد او العلائم في كل ارجاء المريخ وانها لا تنحصر بمنطقة دون سواها.
* تسنى للسفينة "الروح" تصوير أعاصير الكوكب الأحمر.
* لأول مرة على مدى التاريخ، نجح الإنسان في دراسة شهُب او نيازك سطح كوكب آخر. وتمكنت السفينة "الفرصة" من العثور على نيزك قاعه من الحديد والنيكل. هذا النيزك وهو بحجم كرة السلة كله ثقوب وعرفت ماهيته بمساعدة مطياف هذه السفينة الفضائية.
عام 2012، أطلق لأول مرة أيضاً مسبار كشاف باتجاه الكوكب الأحمر. وكالة الفضاء الامريكية (ناسا) كانت قد حددت مسبقاً المنطقة المقررة لهبوط المسبار. وترى الوكالة ان بوسع المسبار الكشاف الآن وبعد هذا الهبوط في ناحية آمنة اكتشاف اراض لها مواصفات جغرافية مميزة عُدت سابقاً خطرة من حيث الهبوط عليها.
لقد اعتبر هذا المشروع هو الأكبر والأهم بين مشاريع ناسا حتى الآن، وقد كلف ما يزيد عن مليارين وخمسمئة مليون دولار. وصل المسبار الكشاف مقصده في الثاني عشر من ايلول/ سبتمبر 2014 بعد رحلة دامت عامين لدراسة ما للجبل من طبقات وترسبات ترابية.
مقارنة بين 3 سفن سوجوريز الفضائية من حيث الابعاد (الروح Spirit، الفرصة Opportunity، اكشاف Curosity) |
سفينة فضاء سورجورنر الصغيرة جنب حجارة يوكي حسب عدسة المسبار |