البروفيسور خليلي؛ راعي مشروع إسكان الإنسان في القمر والمريخ
(last modified Mon, 29 Sep 2014 08:21:56 GMT )
Sep ٢٩, ٢٠١٤ ٠٨:٢١ UTC
  • البروفيسور خليلي؛ راعي مشروع إسكان الإنسان في القمر والمريخ

ولد البروفيسور نادر خليلي في طهران يوم الثاني والعشرين من شباط/ فبراير 1936، أنهى دراسته الإبتدائية، والمتوسطة والإعدادية في بلده ايران، والأكاديمية في اسطنبول بتركيا قبل أن يتوجه إلى أمريكا ويباشر التدريس بصفة أستاذ في كلية الهندسة المعمارية بكاليفورنيا الجنوبية.


قد تكون فترة حضوره في ايران، فترة إكتساب الخبرة والتجارب والتزود بالعلوم المرتبطة بفن العمارة الأصيلة في مسقط رأسه.. وقد ساعده في ذلك طبعه اللطيف الذي أتاح له الجمع بين هذا الفن وبين رؤيته إلى فن العمارة والبناء لتبني سنة حديثة في «عمارة التربة» التي رغم عدم إنسجامها مع تجليات فنون العصر، تبين أساساً مشروعاً هو السبيل لظروف خاصة من فن العمارة والبناء.
نادر خليلي شخصية صوفية الهوى يسعى لتجلي أفكاره بدل إقحام نفسه في دنيا المنافسات المعهودة. وعايش عمارة التربة سبعاً وعشرين سنة في ايران فكان له الدور الأبرز في تعريف هذا النوع من فن العمارة والبناء والذي كان قد تصدر أخبار وكالات الأنباء وما تناقلته الصحف والمجلات عنه. ونال جائزة «كريم آقاخان» إحدى أهم جوائز الإعمار عالمياً وأشهرها إسلامياً. قيمة الجائزة خمسة ملايين دولار وقد تبناها كريم آقاخان عام 1977 ومازالت تمنح للفائز بأفضل طريقة في العمارة المحلية والإسلامية مع الأخذ بنظر الإعتبار سبل العمارة والبناء قديماً وحديثاً بغية تطوير هذا الفن في العالم الثالث أيضاً.
كان لنادر خليلي لدى حضوره في الولايات المتحدة، وفي العديد من المؤسسات (التي كان قد أسس معظهما مثل؛ Geltaftan، مؤسسة الفن وعمارة تربة كاليفورنيا calearthو...) الذي زاد عن عشرين سنة دوماً هاجس عمارة التربة، ما يؤكد بالغ حبه لمغريات العودة الى العناصر الأربعة التي تعهدها الثقافة الشرقية الإيرانية (الماء، الهواء، التربة والنار)، إنه كان يعرف الشرق وكذا الغرب حق المعرفة.
قد تكون فترة حضوره في وطنه ايران، كما مر فترة اكتساب الخبرة والتجارب والتزود بالتعاليم المعنية بفن العمارة الاصيلة في هذا البلد.
في سبعينات القرن الفائت، كان نادر خليلي احد اشهر معماري ايران. وكان متخصص ناطحات السحاب وقد وزع حياته بين مكتبي عمله في لوس انجلوس وطهران. عرفه ملايين الايرانيين عبر وسائل الاعلام. إلا أنه رغم كل هذه الشهرة والنجاحات، سئم الهندسة المعمارية... فما هي إلا فترة قصيرة حتى تخلى عن العمل مهندساً معمارياً ليشتري دراجة نارية ويبحث خمس سنوات في صحارى ايران وبواديها عما يلهمه من جديد. انه حين كان يعيد النظر لبلده، انما كان ينظر بساطة العمارة التقليدية ومدى قيمتها العالية، وخاصة ما شاهده في الألوف المؤلفة من القرى وما بها من دور مبنية باللبن والطين. قوله في ذلك: «إنها مع كل بساطتها عميقة كل العمق بعناصرها الطبيعية».
باشر نادر خليلي كذلك مطالعة أشعار شاعر القرن الميلادي الثالث عشر جلال الدين محمد المولوي الحافلة بوحدة الوجود وعناصر الطبيعة الأربعة وقد استوحى نادر خليلي من هذا الشاعر الإيراني الكبير في بناء المساكن الحديثة مستفيداً في ذلك من المواد الطبيعية. يقول في ذلك: «حين كنت في الصحراء، تعرفت الى شخصيات خالدة خمس: التربة، الماء، الهواء، النار ومولوي. أتقنت لغة معنوية لازمتني طوال حياتي الخاصة... وحتى عملي في ال «هسبريا» مستوحى من مولوي».
وهسبريا Hesperia هو إسم إحدى مؤسسات نادر خليلي في ولاية كاليفورنيا؛ يقول هو:
«أدركت مبكراً لو أبني أبنية ترابية كمنازل القرى والأرياف المبنية باللبن والطين ثم أحرقها، أستطيع تحويلها إلى منازل خزفية، مقاومة وجميلة تعمر أكثر من غيرها». إنه سمى هذا العمل فارسياً Geltaftan (أي؛ طبخ الطين بالنار وتحكيمه).
2

في ثمانينات القرن الفائت، باشر التعاون مع جامعة علمية، كانت تتطلع الى مساكن فضائية داخل منازل كبيرة مبنية باللبن والخزف. وقد أثارت كلمته في الاكاديمية الوطنية للعلوم بأمريكا National Academy of Sciences حول إستخدام تربة القمر لبناء ابنية بسيطة على سطح هذا الكوكب المنير عاصفة من تصفيق العلماء. إن رد فعل كهذا غير مألوف في المؤتمرات العلمية البحتة. وبما أن كلفة كيلوغرام واحد من إرسال المادة إلى الفضاء تفوق ثمن كيلوغرامين من الذهب، فان حظوظ الاستفادة من هذه المواد، تبدو ضئيلة جدّاً.
إلى ذلك يقول المهندس نادر خليلي: «إن اكثر من ثمانمئة مليون شخص من سكان المعمورة هم بلا مأوى او يقيمون داخل اكواخ الصفيح، والخشب والطين.
انه حلم كان يراودني فكم كنت أفكر بما يعالج مشكلة هؤلاء الناس. «من هذه المدينة الصغيرة المحاذية لصحراء مهاوي Mojave»، حاول نادر خليلي مدة ثلاثة عقود تقريباً ان يثبت عدم بحثه عن طريقة حل أساسها توسيع المجمعات المتطورة تقنياً أو عن طرق غير مكلفة، فما كان يراه ويؤمن به هو إستثمار من أبسط المواد وأوفرها مثل التراب، أكياس الرمل، الأسلاك الشائلة، أو التربة والنار.
الطريق التي ساقت المهندس نادر خليلي إلى اكتشاف هذه الحقائق الجوهرية، لم تكن سالكة أو مريحة.
كان نادر خليلي قد تولى منذ عام 1982 إدارة برنامج يعنى بالبحث والاعمار في SCI-ARC بكاليفورنيا، ومنذ عام 1986 إدارة وتأسيس مؤسسة Geltaftan. وتبنى عام 1991 مؤسسة الفن وإعمار تربة كاليفورنيا cal-earth لتعليم أساليبه في البناء والإعمار.
قوله: عثرت في قرية كانت قد تعرضت لزلزال مروع على منزل هو الوحيد الذي لم يتأثر بالزلزال. كان المنزل كوراً أو مجمرة من الطين لطبخ القيشاني والقيشاني المحدب. المنزل كان صامداً كالحجر لا يؤثر فيه حتى قذائت المدفع. كان ضد الريح، والمطر والزلازل. بهذا الإنطباع بادر نادر خليلي لعرض مدرسة في جواد آباد بمنطقة ورامين القريبة من طهران واثني عشر منزلاً قديماً قروياً بعد طبخها كنماذج، كما ونماذج اخر في امريكا، ألمانيا، اليابان والمكسيك.
يقول في ذلك: «القوس طريقة حل أساس وقليلة الكلفة ضد الزلازل ولحل مشكلة اسكان المشردين».
إن طريقة بناء مأوى او ملجأ باسم اللبنة العملاقة Super Adobe حديثة في مركز البحوث والدراسات المعنية بالبناء والسكن.
التسمية هذه يطلقها على المواد التي يستفيد منها في أعماله. فبهذه المواد، انه يبنى يشيد أبنية أساسها أكياس الرمل والأسلاك الشائكة. حظيت طريقة Super Adobe باعجاب ليس فقط المهندسين المعماريين الأمريكان وتقديرهم، باعجاب الامم المتحدة أيضاً التي أعربت عن بالغ رغبتها في بناء الملاجئ الإضطرارية للمشردين أو من فقدوا منازلهم بفعل الكوارث الطبيعية وفق طرق نادر خليلي السبسيطة وغير المكلفة.
عن طريقة بناء Super Adobeيقول نادر خليلي: انها لا تستخدم ضد الحريق فحسب، بل ضد السيول، الأعاصير والزلازل أيضاً، خاصة وانها قليلة الكلفة، فكلفة المواد الانشائية التي تتطلبها الابنية التي يتم تشييدها وفق هذه الطريق أقل من سواها بما نسبته أربعون او ستون بالمائة؛ مضيفاً:
ان الطاقة المستخدمة في مثل هذه الابنية والمستخلصة من المواد الطبيعيه لمواجهة الحر أو البرد هي أيضاً دون المألوف
ما توصل اليه المهندس نادر خليلي الذي لا ينفك عند الحديث عن عبارة «العمارة الصامدة»، يبدو انه أسهل طريقة في عالم البناء ما لفت المجتمع العلمي كذلك الى هذه الطريقة باعتبارها أمل المستقبل وما يدعو للتفاول باسكان الناس في محطات على القمر أو المريخ.
وبالتالي رحل نادر خليلي مبدع المنازل السراميكية عن دنيانا هذه في كاليفورنيا بعيداً عن الوطن يوم الاربعاء الخامس من آذار/ مارس عام 2008 في الثانية والسبعين من العمر ودفن في مسقط رأسه بطهران يوم الثلاثاء الخامس عشر من الشهر المذكور.


3
نادر خليلي يختبر جداراً ب Super Adobe لناسا عام 1984


4
نادر خليلي يختبر جداراً ب Super Adobe لناسا عام 1984