May ٠٩, ٢٠٢٠ ٠٩:٥٢ UTC

سورة فاطر من من الآية 36 الى الآية 38

بسم الله الرحمن الرحیم الحمد لله والصلاة علی رسول الله وأهل بيته الأطهار .. أحبة القران الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. ها نحن معكم ضمن حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة لنواصل الحديث في ايات أخرى من سورة فاطر ألا وهي 36 إلى 38

لننصت إلى تلاوة مرتلة لهذه الايات من سورة فاطر:

وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ﴿٣٦﴾ 

وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ۖ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ﴿٣٧﴾ 

إِنَّ اللَّـهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿٣٨﴾

متابعة للحديث الذي كان في الآيات السابقة عن المواهب الإلهية العظيمة وصبر "المؤمنين السابقين في الخيرات" ينتقل الحديث هنا إلى العقوبات الأليمة للكفّار، والحديث هنا أيضاً عن العقوبات المادية والمعنوية.تبتدىء الآيات بالقول: (والذين كفروا لهم نار جهنّم)، فكما أنّ الجنّة دار المقامة والخلد للمؤمنين، فإنّ النار أيضاً مقام أبدي للكافرين. والكفر هو ستر الشيء وقد سمي الكافر كافرا لأنه يستر على وجودالله وينكره ولا يؤمن به .. أما مفردة "الكفور" فهي مبالغة في الكفر، ولها معنى أعمق من "كافر"، علاوة على أنّ لفظة "كافر" تستخدم في قبال "مؤمن" ولكن "كفور" إشارة إلى اُولئك الذين كفروا بكلّ نعم الله، وأغلقوا عليهم جميع أبواب الرحمة الإلهيّة في هذه الدنيا، لذا فإنّ الله يغلق عليهم جميع أبواب النجاة في الآخرة.

لا شك مستمعينا الكرام أن الذين ينكرون الحقائق تبعا لمصالحهم الدنيوية والفئوية فقد مارسوا الظلم بحق انفسهم و بذلك فيستحقون العذاب الأليم لأن الله لم يخلق الكائنات عبثا لتفعل ما يحلو لها بل خلقها الله تعالى لتسير ضمن مخطط إلهي فمن تخلف عن هذا المسار سبب لنفسه الهلاك والخسران .

تأتي الاية التالية لتغلق أبواب التذرع و التحجج أمام المنكرين وتؤكد عليهم إمكانية وقوع العذاب لهم في الدنيا و الأخرة . فصحيح أن الدنيا دارعمل و للانسان أن يفعل ما يشاء كما تملي عليه طبيعة الاختيار التي وهبها الله تعالى له ، إلا أنه يجب أن يعلم أن لكل فعل رد فعل .فالعاصي يواجه رد فعل معاصيه في الدنيا وفي الاخرة له العذاب الأصلي الذي لا يتقيد بالزمان والمكان .

إن قوله تعالى " لَا یُقْضَى عَلَیْهِمْ فَیَمُوتُوا " ينفي وجود الموت في القيامة و هذا الأمر ضروري بالنسبة إلى أولئك المجرمين القتلة والسفاكين الذين قتلوا الالاف من الأبرياء أمثال هتلر وجنكيز خان وصدام و غيره ، فإن هؤلاء لوتمت محاكمتهم في الدنيا لعقبوا بالموت مرة واحدة ولكن في الأخرة سيذقون عقوبتهم بالكامل بسبب عدم وجود حالة الموت فيها .

إن المعيار الإلهي في القضاء على الأفراد هو العلم والعدل الإلهي . فالمجرمون العصاة لا يذقون العذاب إلا بمقدار ما ارتكبوه من الذنوب والمعاصي و لكن ما مقدار هذا العذاب وما مستواه فهذا ما يحدده العلم الالهي لأنه بكل شيئ عليم .

 

تنتقل الآية التالية إلى وصف نوع آخر من العذاب الأليم، وتشير إلى بعض النقاط الحسّاسة في هذا الخصوص، فتقول الآية الكريمة: (وهم يصطرخون فيها ربّنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنّا نعمل).نعم، فهم بمشاهدة نتائج أعمالهم السيّئة، يغرقون في ندم عميق، ويصرخون من أعماق قلوبهم ويطلبون المحال، العودة إلى الدنيا للقيام بالأعمال الصالحة. ففي قبال ذلك الطلب الذي يطلبه اُولئك من الله سبحانه وتعالى، يصدر ردّ قاطع عنه سبحانه وتعالى حيث يقول: (أو لم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر وجاءكم النذير) فإذا لم تنتفعوا بكلّ ما توفّر بين أيديكم من وسائل النجاة تلك ومن كلّ الفرص الكافية المتاحة (فذوقوا فما للظالمين من نصير).

هذه الآية تصرّح أنه : لم يكن ينقصكم شيء، لأنّ الفرصة اُتيحت لكم بما يكفي، وقد جاءتكم نُذر الله بالقدر الكافي، وبتحقّق هذين الركنين يحصل الإنتباه والنجاة، وعليه فليس لكم أي عذر، فلو لم تكن لكم المهلة كافية لكان لكم العذر، ولو كانت لكم مهلة كافية ولم يأتكم نذير ومرشد ومعلّم فكذلك لكم العذر، ولكن بوجود ذينك الركنين فما هو العذر؟!

نستلهم من الايات المباركة بعضا من الدروس نستعرضها على النحو التالي :

الكفر هو نوع من أنواع كفران النعمة .

الكافر إذا بالغ في كفره فقد اغلق بوجه جميع أبواب الخير والسعادة .

سيأتي اليوم الذي يقف الكفار الجناة حيارى أذلاء يظهرون العجز والندم ..ولكن بعد فوات الأوان .

ينبغي عدم الاهتمام بالصراخ والعويل الذي يصدر من المجرم بعد أن تمت الحجة عليه .

العمر فرصة المرء للتذكر والتنمية والتكامل وليس لقضائه بالغفلة وتلبية الأماني والنزوات النفسانية .

إن عدم استثمار العمر بشكل صحيح هو ظلم بحق النفس كما أن عدم الاهتمام بتعاليم الانبياء والاولياء الصالحين هو ظلم بحقهم و بالنفس أيضا .

إن ظلم الانسان بحق الآخرين لا يكون محصورا بحق الاخرين بل إن أول من يتضرر بهذا الظلم هو الانسان نفسه لأنه فرط في ما أعطاه الله من النعم والمواهب .

 

.. في الختام نشكركم على المتابعة ونستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلمات دليلية