نهج الحياة – 1061

تفسير موجز للآيات 1 الى 23 من سورة عبس


بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين ثم الصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وأمين وحي رب العالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. مستمعينا الأطائب السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، تحية طيبة لكم وأهلاً ومرحباً بكم أينما كنتم وأنتم برفقتنا وهذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث سنشرع فيها تفسير سورة عبس المباركة نستهلها بالإستماع الى تلاوة آياتها الأولى حتى العاشرة منها فكونوا معنا على بركة الله...

عَبَسَ وَتَوَلَّى{1} أَن جَاءهُ الْأَعْمَى{2} وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى{3} أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى{4} أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى{5} فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى{6} وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى{7} وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى{8} وَهُوَ يَخْشَى{9} فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى{10}

أيها الأفاضل.. طبقاً لرواية وردت عن الإمام الصادق (ع): نزلت هذه الآيات في رجل من بني أمية كان حاضراً في مجلس النبي (ص) وقد عبس وأدار وجهه عندما دخل ابن أم مكتوم وكان أعمى.

وتشير الآيات الى أن نزول عشر آيات تنتقد العبوس وتقطيب الوجه في مقابل أعمى لا يميز بين الإبتسامة والتقطيب، يدل على حساسية الإسلام بالنسبة إلى التعامل مع الطبقة المحرومة.

والمقصود من (من استغنى) إما عدم الحاجة المادية وهو ما يجعل الشخص يشعر بأنه أفضل من الآخرين، أو المقصود هو عدم الحاجة إلى الإرشاد والهداية حيث يرى الشخص الآخرين ضالين ومنحرفين، ويمكن الجمع بين المقصدين، أي على أثر امتلاك الشخص للثروة الزائدة، يصاب بالغرور فلا يستمع لكلام الحق من الآخرين.

ومن تعاليم هذه الآيات البينات أولاً: لا يدل نقص عضو ما، على نقص في الشخصية.

ثانياً: تكمن الأخلاق في كمال الأخلاق الذاتي، لا في رضا الآخرين عنها.

ثالثاً: الأساس هو إيمان الإنسان، لا ماله وثروته.

رابعاً: الإحساس بالكمال وعدم الحاجة هو سبب للحرمان من التزكية.

وخامساً: لا يجوز التعامل بطريقتين مختلفتين مع الفقير والغني.
أما الآن، أيها الأحبة الأكارم، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات الحادية عشرة حتى السادسة عشرة من سورة عبس المباركة..

 كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ{11} فَمَن شَاء ذَكَرَهُ{12} فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ{13} مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ{14} بِأَيْدِي سَفَرَةٍ{15} كِرَامٍ بَرَرَةٍ{16}

مفردة "صحف" أيها الكرام، جمع صحيفة بمعنى المكتوب، و"سفرة" جمع سافر وبمعنى كاتب، و"أسفار" هي جمع سِفر وتعني الكتاب، وأما "بررة" جمع بار وتعني المحسن.

والمقصود من "سفرة" عزيزي المستمع، هم السفراء ورسل الوحي، أي الملائكة الذين ينقلون الوحي الإلهي للأنبياء وهؤلاء الملائكة هم أصحاب جبرائيل وتحت إمرته.

ومما نستقيه من منهل هذه الآيات المبينات أولاً: آيات القرآن وسيلة للتذكر وعامل لإيقاظ الفطرة البشرية.

ثانياً: مقام القرآن ومرتبته أرفع من أن يصل إليه الضالون ويحرفوه ويغيروا فيه.

ثالثاً: ليس ثمة إكراه أو إجبار في الدعوة الى القرآن، فمن شاء يستطيع أن يختار القبول به.

ورابعاً: يجب علينا أن نكرم من أكرمه الله عزوجل.
أما الآن، أحبة الإيمان، ننصت وإياكم الى تلاوة الآيات السابعة عشرة حتى الثالثة والعشرين من سورة عبس المباركة..

 قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ{17} مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ{18} مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ{19} ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ{20} ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ{21} ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ{22} كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ{23}

أيها الأكارم، مما تعلمه إيانا هذه الآيات المباركة أولاً: يلعن الله تعالى الإنسان الكافر الجاحد.

ثانياً: في التبليغ، ينبغي مواجهة بعض الناس بأسلوب حاد.

ثالثاً: الخلق دليل على القدرة؛ والقياس دليل على الحكمة.

رابعاً: لقد أتم الله الحجة بتيسير السبيل الى التكامل.

خامساً: يمتلك الإنسان كمالات عدة، ويصل الى التكامل باتباع طريق الحق.

سادساً: يبقى الإنسان على عناده رغم أنه يرى الموت والقبر.

وسابعاً: من البداية حتى النهاية، يكون أمر الإنسان في يد الله وتحت تدبيره.
مستمعينا الأطائب، بهذا وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى الملتقى في حلقة قادمة دمتم بخير وفي أمان الله وحفظه.