Oct ٣٠, ٢٠٢٣ ٠٩:٠٧ UTC

نهج الحياة – 1064

تفسير موجز للآيات 22 الى 29 من سورة التكوير


بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين ثم أفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. إخوتنا المستمعين الأفاضل في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وأهلاً بكم في حلقة أخرى ضمن برنامج "نهج الحياة" حيث سنكمل فيها بإذن الله تفسير ما تبقى من آيات سورة التكوير المباركة بعد الإستماع الى تلاوة آياتها الثانية والعشرين حتى الخامسة والعشرين منها فتابعونا مشكورين...

وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ{22} وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ{23} وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ{24} وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ{25}

كلمة "ضنين" أيها الأكارم، جاءت من ضن بمعنى البخل، ولم تستخدم هذه الكلمة غير مرة واحدة في القرآن الكريم.

وكان مخالفو النبي (ص) ينسبون إليه صفة الجنون، وكانوا يقصدون بذلك ارتباط النبي بالجن، وفي الحقيقة كانوا يعتبرون أن القرآن هو من إلقاءات الجن على النبي (ص)، لذا جاءت هذه الآيات في مقام رفع هذه التهم الباطلة عن النبي الأكرم (ص) إذ قالت: لقد رأى النبي ملاك الوحي بوضوح وتلقى القرآن منه، ولم يلق الشيطان شيئاً على قلبه ليعتقد بأنه وحي إلهي.
ومما نستقيه من هذه الآيات المباركة أولاً: أحياناً يجب ألا تترك الأسئلة بدون جواب، ويجب الرد عليها.

ثانياً: كان النبي (ص) يعيش مع الناس وإلى جانبهم.

ثالثاً: أفضل دليل على أن عقل النبي الأعظم (ص) سليم هو بيان أنكم عشتم معه وصاحبتموه عمراً ولم يصدر عنه أي فكر أو عمل أو تصرف غير لائق.

رابعاً: في مقابل الإهانة، يجب تكريم الشخص الذي أهين.

خامساً: ليس ثمة شك في أن النبي (ص) قد لاقى جبرائيل (ع).

سادساً: الشكر على العلم هو إبراز لذلك العلم، والبخل في العلم أمر غير مستحسن.

سابعاً: كان الرسول الأعظم (ص) يعلم بالغيب إمداداً من الله تعالى حسب قوله عز من قائل (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ).

وثامناً: القرآن الكريم محفوظ من أي تحريف في وقت النزول ولم يتصرف فيه جبرئيل أو يتدخل فيه أبداً؛ وكذلك في مرحلة التبليغ لم يتعرض لأي نقص.
إخوة الإيمان، أما الآن ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات السادسة والعشرين حتى التاسعة والعشرين من سورة التكوير المباركة وهي آخر آياتها الشريفة..

فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ{26} إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ{27} لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ{28} وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ{29}

مما تعلمه إيانا هذه الآيات المبينات أولاً: لا يوجد إنسان بلا هدف وبلا مذهب، حتى الكفار والمشركون عندهم طريق وهدف، واختيار الطريق الصحيح هو المهم بقوله تعالى " فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ".

ثانياً: القرآن الكريم هو أفضل وسيلة للنصح والتذكير والموعظة.

ثالثاً: القرآن ليس مرتبطاً بمكان وزمان أو قوم معين، بل هو للعالمين جميعاً.

رابعاً: يجب التذكير عند التبليغ لا الإجبار.

خامساً: إتباع الطريق الصحيح والثبات عليه، مرتبط برغبة الإنسان نفسه.
أيضاً مما نستقيه من منهل هذه الآيات المباركة، أيها الأفاضل، هو أن إرادتنا واقعة في مدار إرادة الله، لا إجباره؛ إذ إنه في هذه الحالة تصبح إرادتنا بلا معنى.

وأيضاً لأن الله هو رب العالمين وله السلطة على كل شيء، فإن مشيئة الإنسان مشروطة بمشيئة الله كذلك.

مثال على ذلك، يوجد مقودان في المركبات المخصصة لتعليم القيادة، أحدها في جهة المتعلم والآخر عند المعلم؛ في هذه المركبة، يستطيع المتعلم أن يستخدم المقود الموجود في جهته، ولكن بشرط أن يشاء المعلم ذلك، ومثال آخر، الحوالات المصرفية التي تُمضى من قبل إثنين، فلا يمكن صرف الحوالة أو الإستفادة منها إلا في حال توقيع الطرف الثاني عليها كذلك، والحمد لله رب العالمين.
مع ختام تفسير سورة التكوير المباركة، إخوتنا الأعزاء، وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر وتفسير ميسر آخر من سور القرآن الكريم، تقبلوا تحيات إخوتكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران والسلام خير ختام.

 

كلمات دليلية