1065- سورة الانفطار
نهج الحياة – 1065
تفسير موجز لسورة الانفطار
بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد كما هو أهله وأفضل والصلاة وأتم التسليم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. مستمعينا الأفاضل في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،، تحية قرآنية طيبة الى حضراتكم وأنتم تتابعون برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث سنقدم لكم في حلقتنا هذه بيان وتفسير سورة الانفطار المباركة نستهلها بالإستماع الى تلاوة الآيات الأولى حتى الخامسة منها فكونوا معنا على بركة الله..
بسم الله الرحمن الرحيم ... إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ{1} وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ{2} وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ{3} وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ{4} عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ{5}
"الإنفطار" إخوتنا الأكارم، هو الإنشقاق، و"فطر" و"إفطار" يحملان المعنى نفسه كذلك؛ لأن الصيام يُشق ويُقطع بالطعام. (إنفطار) و(إنشقاق) بالمعنى نفسه ولكن الفرق في أنه بعد الانفطار، نصل إلى شيء على خلاف الانشقاق. تقول العرب عند حفر القناة: "فطرت" لأنه بعد انشقاق الأرض نصل إلى الماء.
وأما "الانتثار" فبمعنى رمي الشيء متفرقاً، ويُقال لما يُرمى على رأس العروس "نِثار". وأما "فجر" يعني ظهور شِق وفتح الطريق، و"تفجير" بيان لعظمة تشقق الجبال. أما كلمة "بعثر" بمعنى البعث أي الإحياء المجدد، وكذلك بمعنى "ثَوَرَ" أي تغير.
وتشير الآيات، أيها الكرام، الى أن السماء والأرض والبحر والجفاف ترتبط ببعضهم على نحو إذا ما اختلّ نظام أحدهم يختل نظام كل شيء.
ومما نتعلمه من هذه الآيات الشريفة أولاً: تغيّر نظام الوجود هو مقدمة للقيامة، والقيامة للحساب والكتاب وجزاء أعمال الإنسان.
ثانياً: تتسع قدرات الإنسان يوم القيامة، ويتذكر كل ما قام به في الماضي.
ثالثاً: يجب أن يفكر الإنسان في ماضيه، فإن كان قد ارتكب ذنباً يتوب منه، ويجب أن يفكر في ما سيترك من ذكرى حسنة بعد موته.
ورابعاً: يدرك الإنسان يوم القيامة الأعمال التي كان بمقدوره أن يقوم بها ولكنه أخرها ولم ينجزها؛ وقد يكون المقصود من "التأخير" الأعمال التي تعود عليه آثارها بعد موته.
أما الآن، أيها الإخوة والأخوات، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات السادسة حتى الثانية عشرة من سورة الانفطار المباركة..
يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ{6} الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ{7} فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ{8} كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ{9} وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ{10} كِرَاماً كَاتِبِينَ{11} يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ{12}
مستمعينا الأكارم .. جاءت كلمة "غرّ" من "غرور" بمعنى الغفلة، الخداع والغرور. و"سواك" أي الإعتدال والإستقامة من دون أي إعوجاج، و"عدلك" تشير إلى التعادل والتوازن بين أعضاء وجوارح الإنسان.
كما تشير الآيات الى أنه ينبغي الإعتماد على الأعمال لا على كرم الله سبحانه، حيث كان الأنبياء على علم بكرم الله ولكنهم كانوا يعملون.
ومن تعاليم هذه الآيات المباركات أولاً: الإنسان مخلوق غافل ومخدوع ويظن أنه في مأمن من عواقب العمل وعذاب الله.
ثانياً: أسوأ أنواع الكبر والغرور أن يكون الغرور في مقابل الخالق الكريم.
ثالثاً: لطف الله وكرمه الإبتدائيان ليسا مختصين بالمؤمنين بل هما لكل البشر.
رابعاً: خلق الإنسان والتوازن بين أعضائه والإختلاف في شكل وملامح البشر دليل على كرم الله وحكمته.
خامساً: يتصرف الملائكة المراقبون بكرم عند تسجيلهم للأعمال.
وسادساً: إذا ما التفت الإنسان إلى أن الملائكة المعصومين يحصون أعماله، فسيكون ذلك سبباً في حياته وتقواه.
إخوة الإيمان، أما الآن، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة آخر آيات سورة الانفطار المباركة وهي الآيات الثالثة عشرة حتى التاسعة عشرة..
إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ{13} وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ{14} يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ{15} وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ{16} وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ{17} ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ{18} يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ{19}
كلمة "أبرار" أيها الأحبة، جمع بار بمعنى المحسن، و"نعيم" تعني الممتلئ بالنعمة؛ أما "فجار" جمع فاجر بمعنى الشقي وتعني الأشخاص الذين يهتكون الستر ويمزقونه.
أما "صلى" أي دخل في العذاب والقهر وأما (الصلو) هو الدخول في الرحمة واللطف كذلك بقوله تعالى (هو الذي يصلي عليكم).
وتشير الآيات الى أن كل الأمور بيد الله في يوم القيامة، وهذا لا يعني إنتفاء الشفاعة؛ لأن الشفاعة هي من الأمور التي أمر بها الله تعالى.
ومما نستقيه من هذه الآيات المبينات أولاً: من طرق التربية والتبليغ، المقارنة بين مصير الصالحين والسيئين.
ثانياً: يجب تذكير وتكرار المواضيع المهمة.
وثالثاً: القيامة هي تجل لحكومة الله المطلقة.
إخوتنا الأطائب، مع ختام تفسير سورة الانفطار المباركة، وصلنا الى ختام هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" فعلى أمل اللقاء في الحلقة القادمة دمتم بخير وفي أمان الله.