1067- سورة المطففين، الآيات 18 الى 36
نهج الحياة – 1067
تفسير موجز للآيات 18 الى 36 من سورة المطففين
بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين فإنه خير ناصر ومعين، ثم الصلاة والسلام على أشرف الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. مستمعينا الأفاضل في كل مكان سلام من الله عليكم ورحمة منه عزوجل وبركات.. تحية قرآنية طيبة لكم وأنتم معنا في هذه الحلقة ضمن برنامج "نهج الحياة" حيث سنكمل فيها بإذنه تبارك وتعالى تفسير ما تبقى من آيات سورة المطففين المباركة بدأً بالإستماع الى تلاوة آياتها الثامنة عشرة حتى الثامنة والعشرين..
كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ{18} وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ{19} كِتَابٌ مَّرْقُومٌ{20} يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ{21} إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ{22} عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ{23} تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ{24} يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ{25} خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ{26} وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ{27} عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ{28}
كلمة "عليين" أيها الكرام، جمع عِليّ بمعنى الدرجات والمراتب العليا إلى ما لا نهاية. والمقصود من كتاب الأبرار أي مصير المحسنين في القيامة، و"مرقوم" يعني مشخصاً ومحدداً حيث لا يمكن خلطه بأي كتاب آخر.
وأما "نضرة" أعزاءنا المستمعين، بمعنى الجمال والحيوية، و"النعيم" أي النعم الكثيرة، و"الرحيق" بمعنى الشراب الخالص. و"التنافس" إما من نفيس، أي أن يسعى شخصان للحصول على شيء نفيس، وإما أنها من (نَفَس) أن يبذل شخصان ما بوسعهما إلى آخر نفس.
وحول "التسنيم" فقد ورد عن الإمام الباقر (ع): "تسنيم أشرف شراب في الجنة يشربه محمد وآل محمد صرفاً ويمزج لأصحاب اليمين ولسائر أهل الجنة".
ومما نتعلمه من هذه الآيات البينات أولاً: تناول النعم في حضور الآخرين يضاعف اللذة.
ثانياً: من نعم أهل الجنة، المقام العالي والإشراف على المناظر الجميلة.
ثالثاً: تؤثر الحالة النفسية والروحية للإنسان على جسمه (تلألؤ وجه أهل الجنة شيء مشهود للإنسان).
رابعاً: ليس لملذات الجنة أي عوارض جانبية غير مرغوبة.
وخامساً: في الثقافة الإسلامية، الدنيا هي ميدان سباق وتنافس، تنافس في سبيل الحصول على النعم الأخروية.
أيها الإخوة والأخوات، ندعوكم الآن الى الإستماع الى تلاوة الآيات التاسعة والعشرين حتى السادسة والثلاثين وهي آخر آيات سورة المطففين المباركة..
إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ{29} وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ{30} وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ{31} وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ{32} وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ{33} فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ{34} عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ{35} هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ{36}
كلمة "الغمز" في الآية الثلاثين، أيها الأكارم، هو الإشارة الى عيوب الناس بالعين والحاجب.
ومن ما نستقيه من منهل هذه الآيات المباركة أولاً: يجب على المؤمنين أن يكونوا مستعدين لمواجهة فساد المجرمين والمذنبين.
ثانياً: لا تجعلوا ضحك الآخرين وغمزهم وأذيتهم تثبط عزيمتكم؛ لأنهم هم المجرمون.
ثالثاً: الإستهزاء والإهانة هما أسلوب المجرمين منذ القدم.
رابعاً: الإصرار على الذنب، يغير نظرة الإنسان وطريقة حكمه (الطريف أن المجرمين كانوا يعتقدون أن المؤمنين ضالون).
وأيضاً مما نتعلمه من هذه الآيات المباركة أنه: لا ينبغي للمؤمنين أن ينتظروا تأييد الكافرين.
وأيضاً كما يظن المجرمون أنهم القيمون على المؤمنين، وينفي الله تعالى هذا الإدعاء.
وأخيراً: عقاب يوم القيامة، متناسب مع الذنب في الدنيا (عقاب من يطلق ضحكات الإستهزاء في الدنيا، أن يصبح أضحكوة في الآخرة) والحمد لله رب العالمين.
مع ختام تفسير سورة المطففين المباركة، إخوة الإيمان، نصل وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فشكراً لكم لحسن إستماعكم وطيب متابعتكم لهذا البرنامج وحتى الملتقى في حلقة قادمة وتفسير سورة أخرى من سور القرآن الكريم.. دمتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.