1080- سورة الضحى
نهج الحياة – 1080
تفسير موجز للآيات 1 الى 11 من سورة الضحى
بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين ثم الصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.. مستمعينا الأفاضل في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. تحية قرآنية مباركة نقدمها لحضراتكم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" حيث سنتناول فيها بيان سورة الضحى المباركة نستهلها بالإستماع الى آياتها الخمس الأولى فكونوا معنا على بركة الله..
وَالضُّحَى{1} وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى{2} مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى{3} وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى{4} وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى{5}
"الضحى" أيها الكرام، هو أول النهار حين تشرق الشمس، وتأتي كلمة "سجى" بمعنى التغطية وكذلك بمعنى السكون والهدوء.
أما "ودعك" فمن التوديع بمعنى الترك والهجر، و"قلى" يعني شدة العداوة والبغض والغضب والقهر.
وحول شأن نزول هذه السورة جاء في الرواية أنه قد انقطع الوحي عن النبي (ص) لأيام عدة، فقال الكافرون إن الله قد تخلى عنك، فنزلت هذه الآيات لتواسي النبي (ص) وقد يكون الهدف من انقطاع الوحي هو تفهيم الناس أن كل ما هو موجود هو من الله تعالى ولا يملك النبي أي صلاحيات أو سلطة على ألفاظ الوحي ووقت نزوله ومقداره.
وجاء في الحديث أن الآية الأكثر تبشيراً من آيات القرآن هي آية " وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى" إذ أريد بها الشفاعة.
ومن تعاليم هذه الآيات المباركة يمكن القول أولاً: نور النهار وظلام الليل وسكونه نعمتان عظيمتان قد أقسم الله بهما.
ثانياً: ينبغي إسكات سليطي اللسان بكل حزم، وكسب قلوب الطاهرين.
ثالثاً: يجب على المربي ألا يتخلى عن الذي يتولى تربيته.
ورابعاً: لا تظنوا أن الإنقطاع المؤقت للُطفٍ خاص، دليل على غضب الله أو غفلته عنكم.
أما الآن، إخوتنا الأكارم، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات السادسة حتى الحادية عشرة وهي آخر آيات سورة الضحى المباركة...
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى{6} وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى{7} وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى{8} فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ{9} وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ{10} وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ{11}
أيها الأطائب، كان النبي الأكرم (ص) يدرك ألم الأيتام بما أنه كان قد ولد يتيم الأب وفقد والدته في الطفولة. والمقصود من آية " وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى " أي أنه لو لا الهداية الإلهية لما استطعت اتباع السبيل.
وتأتي كلمة "ضال" بمعنى المنحرف عن الحق وكذلك بمعنى الضائع مثل حديث "الحكمة ضالة المؤمن" أجل، فإن النبي كان متحيراً قبل نزول الوحي وقد تعرف على الأوامر والتكاليف الإلهية عن طريق الوحي.
وتطلق عبارة (عائل) على الفقير، و(القهر) هو الغلبة المصاحبة للتحقير، و(النهر) هو الطرد مع الغلظة والقسوة، وإطلاق "النهر" على جدول الماء هو لجريان الماء السريع فيه.
وتشير الآيات، أيها الأعزة، إلى أنه إذا لم تؤمّن إحتياجات اليتيم فستهدد المجتمع مفاسد أخلاقية وإجتماعية عدة، وقد يجعل نقص المحبة اليتيم شخصاً قاسي القلب.
وجاء عن الإمام الصادق (ع) في ذيل آية " وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ": (حدّث بما أعطاك الله وفضلك ورزقك وأحسن إليك وهداك). و ورد عن النبي الأكرم (ص): (التحدث بنعمة الله شكر وتركه كفر).
ومما تعلمه إيانا هذه الآيات الكريمة أولاً: قد صان الله نبيه من أي قهر أو غضب في الدنيا والآخرة.
ثانياً: حتى لو امتلك رجال الله كل الدنيا فلن يرضوا، إذاً فإن تحقق الوعد الإلهي سيكون في عالم الآخرة.
ثالثاً: يجب أن يكون القائد مدركاً للألم ليشعر بآلام الآخرين.
رابعاً: لا يقف اليُتم عائقاً أمام الوصول للكمال.
خامساً: مَنّ الإنسان على الإنسان أمر غير لائق؛ ولكن إذا كان مَنّ الله على الإنسان، فهو أمر ذو قيمة عالية.
سادساً: ينبغي تذكير أيام الضعف إذا حزنا القدرة والقوة يوماً ما.
وسابعاً: لا تظنوا أن النعم هي نتيجة لعلمكم وفطنتكم، بل هي لطف من الله عزوجل.
مستمعينا الأكارم، مع ختام تفسير سورة الضحى المباركة، نصل الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر تقبلوا تحياتنا من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم بخير وفي أمان الله.