1082- سورة العلق
نهج الحياة – 1082
تفسير موجز لسورة العلق
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله كما هو أهله ثم الصلاة والسلام على حبيب إله العالمين سيدنا ونبينا محمد المصطفى وعلى آله الأطيبين الأطهرين.. أعزتنا مستمعينا الكرام، أحبة القرآن الكريم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، تحية طيبة مباركة لحضراتكم أينما كنتم وأهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامجكم "نهج الحياة" حيث سنقدم لكم فيها بيان معاني سورة العلق المباركة حيث آياتها الشريفة هي أولى الآيات التي نزلت على النبي الأكرم (ص) يوم مبعثه الشريف فكونوا معنا وتابعونا مشكورين..
نستهل هذه الحلقة من البرنامج، أيها الأفاضل، بالإستماع الى تلاوة الآيات الأولى حتى الخامسة من سورة العلق مباركة...
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ{5}
أيها الأحبة، من إشارات هذه الآيات أن الله عزوجل قد ينعت نفسه بـ(الكريم) في المواضع التي تحدث فيها عن الخلق فيقول مثلاً (ما غرك بربك الكريم) ولكن عند الحديث عن القراءة والتعلم والقلم نعت نفسه بالأكرم.. ومن ما يشرف الإسلام أنه قد بدأ مشواره بالقراءة والعلم والقلم وأول أمر وجهه الله إلى نبيه كان أمراً ثقافياً.
وتوجد ملاحظة كامنة وراء الأمر (إقرأ) وهي أن ما سينزل عليك يجب قراءته ولا يكفي العلم به.
و(العلق) هو إما لزج ولاصق، أو بمعنى الدم الغليظ والمنعقد وهذا هو المعنى المطروح عادة.
ومما تعلمه إيانا هذه الآيات البينات أولاً: يجب بدء التعليم والقراءة لاسيما قراءة القرآن باسم الله الرحمن الرحيم.
ثانياً: يجب أن تكون القراءة ذات وجهة إلهية.
ثالثاً: بيان أن الإنسان خلق من دم عالق هو إعجاز علمي من جهة، ومن جهة أخرى هو وسيلة لتربية الإنسان ليعلم مبدأه من أي شيء كان فلا يصاب بالغرور.
ثالثاً: القلم أفضل وسيلة لنقل العلم.
رابعاً: يقوم الله تعالى بأفعاله عن طريق الأسباب.
وخامساً: كما أن الله ينمي جسم الإنسان، ينمي عزوجل روحه كذلك.
أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ندعوكم للإستماع الى تلاوة مرتلة من الآيات السادسة حتى الرابعة عشرة من سورة العلق المباركة..
كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى{6} أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى{7} إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى{8} أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى{9} عَبْداً إِذَا صَلَّى{10} أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى{11} أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى{12} أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى{13} أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى{14}
كلمة "كلا" هنا، عزيزي المستمع، إما أن تكون بمعنى نفي السابق، أي أن الإنسان لا يتذكر ماضيه وكيف أن الله خلقه وعلمه فيعبده، بل إنه بدلاً من العبادة، يطغى ويمنع الآخرين من العبادة كذلك، وقد تكون بمعنى (حقاً) وهي للتأكيد.
وتشير الآيات، أيها الأطائب، إلى أنه إن لم يكن لدى الإنسان قدرة على الفهم فقد تجعله الثروة مغروراً، كمثل قارون الذي كان يقول (إنما أوتيته على علم عندي) أو أنه قد يغتر بسلطته، كفرعون الذي كان يقول (أليس لي ملك مصر).
كما تشير الآيات الى أن الطاغي لا يعبد الله سبحانه وتعالى ولا يعترف بالقوانين الإلهية، لا يقبل الإستدلال ولا يسمع نداء الضمير واستغاثة المظلومين.
والمقصود من العبد الذي يصلي، كما يتضح من الآيات الأخيرة للسورة، هو رسول الله (ص) وعلى الرغم من ذلك إلا أن الكلمة ذكرت بصيغة النكرة بهدف التعظيم والتقدير.
ومما نستقيه من منهل هذه الآيات النيّرة أولاً: الإنسان جاحد للنعمة، رغم خلقه وتعليمه ما كان يجهل، ولكنه يطغى مقابل ربه العظيم.
ثانياً: لا يكفي العلم وحده، على الرغم من أننا علمنا الإنسان، إلا أنه يطغى.
وثالثاً: منشأ الطغيان أمران: أحدهما إعتقاد الإنسان بأنه غني والثاني أنه لا يرى الله ويظن بأن الله لا يراه.
والآن، إخوتنا المستمعين، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات الخامسة عشرة حتى التاسعة عشرة والأخيرة من سورة العلق المباركة..
كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ{15} نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ{16} فَلْيَدْعُ نَادِيَه{17} سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ{18} كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ{19}
عبارة "لنسفعاً" أيها الكرام، فعل وكتبت نون التوكيد في آخره على هيئة تنوين، هذه الكلمة من مادة "سفع" بمعنى الأخذ بشدة وصفع الوجه، والناصية تعني شعر مقدم الرأس، ويسحب ويؤخذ به لأجل التحقير.
وتطلق كلمة "نادي" على المجلس العام أو مجلس الفرح.
و"زبانية" جمع زبينة وتعني الموظف والعامل عند شخص.
وقد ورد عن الإمام الرضا (ع) بالإستناد إلى آخر آية سورة العلق المباركة: (أقرب حالات الإنسان الى الله، هي حالة السجود)
إخوة الإيمان، مع ختام تفسير سورة العلق المباركة، نصل الى نهاية هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" فحتى الملتقى في الحلقة المقبلة نستودعكم الباري عزوجل والسلام خير ختام.